اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ} (37)

وقوله تعالى : { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ } كقوله تعالى : { يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ } [ النساء : 28 ] وقد تقدَّم .

والجُمْهُور على " أن يَخرُجُوا " مَبْنيّاً للفاعل وقرأ يحيى{[25]} بن وثَّاب{[26]} ، وإبْرَاهيم النَّخْعي " يُخْرجُوا " مبنياً للمفعُول وهما واضحتان ، والمقصُود من هذا الكلام لُزُوم العذابِ لَهُمْ ، وأنَّهُ لا سَبيلَ لهُمْ إلى الخلاصِ مِنْهُ وإرادتهم إلى الخُرُوجِ تحْتَمِلُ وجهيْن :

الأوَّل : أنهم قصدوا وطلبُوا المخرج مِنْها ، كقوله تعالى { كُلَّمَآ أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا } [ السجدة : 20 ] .

قيل : إذا [ لَفَحَتْهُم ]{[27]} النَّار إلى فوق فهُنَاك يتمنُّون الخُرُوج .

وقيل : يَكادُون أن يخْرُجُوا من النَّار ؛ لِقُوَّة النَّارِ ورفعها للمُعَذَّبين .

والثاني : أنهم يتمَنُّون ذلك ويريدُوه بِقُلُوبهم{[28]} .

فصل

احتجَّ أهْلُ السُّنَّة بهذه الآية على أن الله تعالى يُخْرِج من النار من قال : لا إله إلا الله مُخْلِصاً ؛ لأنَّه تعالى جعل هذا المعنى من تَهْديدات [ الكُفَّار ، وأنواع ما خَوَّفهم به ، ولولا أنَّ هذا المعنى يختصُّ بالكفار وإلا لم يكن لِتخصيص ]{[29]} الكُفَّار به معنى ، ويؤكده قوله { وَلَهُمْ عذابٌ مُقِيمٌ } ، وهذا يفيد الحصر ، فكان المعنى : ولهم عذابٌ مقيمٌ لا لِغَيْرهم كما أن قوله { لَكُم دينكُمْ } لا لغيركم ، فهاهُنَا كذلك .


[25]:قرأ بها عيسى بن عمر كما في الشواذ 129، وستأتي في سورة "ص" آية 1،2.
[26]:تقدمت.
[27]:سقط في أ.
[28]:سقط في أ.
[29]:ينظر: المشكل 1/123.