الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ} (37)

قوله تعالى : { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النار }[ المائدة :37 ] .

إخبار بأنهم يتمنَّوْنَ هذا ، وقال الحسنُ بْنُ أبي الحسن : إذا فَارَتْ بهم النارُ ، قَرُبُوا من حاشيتها ، فحينئِذٍ يريدونَ الخُرُوجَ ، ويطمعون به ، وتأوَّل هو وغيره الآية على هذا ، قلْتُ : ويؤيِّده ما خرَّجه البخاريُّ في رؤية النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، حَيْثُ أَتَاهُ آتيَانِ ، فَأَخَذَا بِيَدِهِ ، وفيه : ( فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهْرِ ، فَإذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ ، رمى الرجل بِحَجَرٍ فِي فِيهِ ) ، وفيه أيضاً : " فَانْطَلَقْنَا إلى ثُقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ ، وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ ، تَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارٌ ، فَإذَا اقترب ، ارتفعوا ، فَإذَا خَمَدَتْ ، رَجَعُوا فِيهَا ، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ فَقَالاَ : انطلق " الحديث ، وأخبر سبحانه عن هؤلاءِ الكفَّار ، أنهم ليسوا بخارجين من النار ، بل عذابهم فيها مقيمٌ مؤبَّد .