مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ} (37)

النوع الثاني : من الوعيد المذكور في هذه الآية .

قوله { يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم }

وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : إرادتهم الخروج تحتمل وجهين : الأول : أنهم قصدوا ذلك وطلبوا المخرج منها كما قال تعالى : { كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } .

قيل : إذا رفعهم لهب النار إلى فوق فهناك يتمنون الخروج . وقيل : يكادون يخرجون من النار لقوة النار ودفعها للمعذبين ، والثاني : أنهم تمنوا ذلك وأرادوه بقلوبهم ، كقوله تعالى في موضع آخر { ربنا أخرجنا منها } ويؤكد هذا الوجه قراءة من قرأ { يريدون أن يخرجوا من النار } بضم الياء .

المسألة الثانية : احتج أصحابنا بهذا الآية على أنه تعالى يخرج من النار من قال " لا إله إلا الله " على سبيل الإخلاص . قالوا : لأنه تعالى جعل هذا المعنى من تهديدات الكفار ، وأنواع ما خوفهم به من الوعيد الشديد ، ولولا أن هذا المعنى مختص بالكفار وإلا لم يكن لتخصيص الكفار به معنى والله أعلم . ومما يؤيد هذا الذي قلناه قوله { ولهم عذاب مقيم } وهذا يفيد الحصر ، فكان المعنى ولهم عذاب مقيم لا لغيرهم ، كما أن قوله { لكم دينكم } أي لكم لا لغيركم ، فكذا هاهنا .