فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ} (37)

{ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم ( 37 ) }

{ يريدون أن يخرجوا من النار } هذا استئناف بياني كأنه قيل كيف حالهم فيما هم فيه من هذا العذاب الأليم قيل يقصدون الخروج من النار ويطلبونه أو يتمنون { وما هم بخارجين منها } أي لا يستطيعون ذلك ومحلها النصب على الحال وقيل إنها جملة اعتراضية { ولهم عذاب مقيم } أي دائم ثابت لا يزول عنهم ولا ينتقل أبدا .

أخرج مسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردوديه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يخرج من النار قوم فيدخلون الجنة ) {[632]} ، قال يزيد الفقير قلت لجابر : يقول الله يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها قال اتل أول الآية إن الذين كفروا الآية ، ألا إنهم الذين كفروا .

وعن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس : تزعم أن قوما يخرجون من النار وقد قال تعالى وما هم بخارجين منها فقال ابن عباس : ويحك اقرأ ما فوقها هذه للكفار ، قال الزمخشري في الكشاف بعد ذكره : لهذا إنه مما لفقته المجبرة انتهى .

ويا لله العجب من رجل لا يفرق بين أصح الصحيح وبين أكذب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتعرض للكلام على ما لا يعرفه ولا يدري ما هو ، وقد تواترت الأحاديث تواترا لا يخفى على من له أدنى إلمام بعلم الرواية أن عصاة الموحدين يخرجون من النار ، فمن أنكر هذا فليس بأهل المناظرة لأنه أنكر ما هو من ضروريات الشريعة .


[632]:البخاري الباب51 من كتاب الرقاق- الترمذي الباب التاسع والعاشر من كتاب جهنم.