تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ إِن سَأَلۡتُكَ عَن شَيۡءِۭ بَعۡدَهَا فَلَا تُصَٰحِبۡنِيۖ قَدۡ بَلَغۡتَ مِن لَّدُنِّي عُذۡرٗا} (76)

أي : إن اعترضت عليك بشيء بعد هذه المرة { فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا } أي : قد أعذرت إليّ مرة بعد مرة .

قال ابن جرير : حدثنا عبد الله بن زياد ، حدثنا حجاج بن محمد ، عن حمزة الزيات ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدًا فدعا له ، بدأ بنفسه ، فقال ذات يوم : " رحمة الله علينا وعلى موسى ، لو لبث{[18346]} مع صاحبه لأبصر العجب ولكنه قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرًا " [ مثقلة ]{[18347]} {[18348]} .

/خ65


[18346]:في ف، أ: "ثبت".
[18347]:زيادة من ف، أ، والطبري.
[18348]:تفسير الطبري (15/186) ورواه أبو داود في السنن برقم (3984) من طريق حمزة الزيات به.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ إِن سَأَلۡتُكَ عَن شَيۡءِۭ بَعۡدَهَا فَلَا تُصَٰحِبۡنِيۖ قَدۡ بَلَغۡتَ مِن لَّدُنِّي عُذۡرٗا} (76)

{ قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني } وان سألت صحبتك ، وعن يعقوب " فلا تصحبني " أي فلا تجعلني صاحبك . { قد بلغت من لدُني عذرا } قد وجدت عذرا من قبلي لما خالفتك ثلاث مرات . وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم " رحم الله أخي موسى استحيا فقال ذلك لو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب " . وقرأ نافع " من لدني " بتحريك النون والاكتفاء بها عن نون الدعامة كقوله :

قِدني من نصر الحبيبين قُدى *** . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وأبو بكر { لدني } بتحريك النون وإسكان الضاد من عضد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ إِن سَأَلۡتُكَ عَن شَيۡءِۭ بَعۡدَهَا فَلَا تُصَٰحِبۡنِيۖ قَدۡ بَلَغۡتَ مِن لَّدُنِّي عُذۡرٗا} (76)

أنْصف موسى إذ جعل لصاحبه العذر في ترك مصاحبته في الثالثة تجنباً لإحراجه .

وقرأ الجمهور : { لَّدُنّي } بتشديد النون قال ابن عطية : وهي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم يعني أن فيها سنداً خاصاً مروياً فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم في المقدمة السادسة من مقدمات هذا التفسير .

وقرأ نافع ، وأبو بكر ، وأبو جعفر { مِنْ لَدُنِي بتخفيف النون على أنه حذف منه نون الوقاية تخفيفاً ، لأن ( لدنْ ) أثقل من ( عَن ) ( ومَن ) فكان التخفيف فيها مقبولاً دونهما .

ومعنى { قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَّدُنّي عُذراً } قد وصلت من جهتي إلى العذر . فاستعير { بَلَغْتَ } لمعنى ( تحتّم وتعين ) لوجود أسبابه بتشبيه العذر في قَطع الصحبة بمكان ينتهي إليه السائر على طريقة المكنية . وأثبت له البلوغ تخييلاً ، أو استعار البلوغ لتَعيُّن حصول الشيء بعد المماطلة .