البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ إِن سَأَلۡتُكَ عَن شَيۡءِۭ بَعۡدَهَا فَلَا تُصَٰحِبۡنِيۖ قَدۡ بَلَغۡتَ مِن لَّدُنِّي عُذۡرٗا} (76)

{ قال إن سألتك عن شيء بعدها } أي بعد هذه القصة أو بعد هذه المسألة { فلا تصاحبني } أي فأوقع الفراق بيني وبينك .

وقرأ الجمهور { فلا تصاحبني } من باب المفاعلة .

وقرأ عيسى ويعقوب فلا تصحبني مضارع صحب وعيسى أيضاً بضم التاء وكسر الحاء مضارع أصحب ، ورواها سهل عن أبي عمرو أي فلا تصحبني علمك وقدره بعضهم فلا تصحبني إياك وبعضهم نفسك .

وقرأ الأعرج بفتح التاء والباء وشد النون .

ومعنى { قد بلغت من لدني عذراً } أي قد اعتذرت إليّ وبلغت إلى العذر .

وقرأ الجمهور { من لدني } بإدغام نون لدن في نون الوقاية التي اتصلت بياء المتكلم .

وقرأ نافع وعاصم بتخفيف النون وهي نون لدن اتصلت بياء المتكلم وهو القياس ، لأن أصل الأسماء إذا أضيفت إلى ياء المتكلم لم تلحق نون الوقاية نحو غلامي وفرسي ، وأشم شعبة الضم في الدال ، وروي عن عاصم سكون الدال .

قال ابن مجاهد : وهو غلط وكأنه يعني من جهة الرواية ، وأما من حيث اللغة فليست بغلط لأن من لغاتها لد بفتح اللام وسكون الدال .

وقرأ عيسى { عذراً } بضم الذال ورويت عن أبي عمرو وعن أبي عذري بكسر الراء مضافاً إلى ياء المتكلم .

وفي البخاري قال : « يرحم الله موسى لوددنا أنه صبر حتى يقص علينا من أمرهما »

وأسند الطبري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لأحد بدأ بنفسه فقال : « رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر على صاحبه لرأى العجب » ولكنه قال { فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً } .