روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ إِن سَأَلۡتُكَ عَن شَيۡءِۭ بَعۡدَهَا فَلَا تُصَٰحِبۡنِيۖ قَدۡ بَلَغۡتَ مِن لَّدُنِّي عُذۡرٗا} (76)

{ قَالَ } أي موسى عليه السلام { إِن سَأَلْتُكَ عَن شيء } تفعله من الأعاجيب { بَعْدَهَا } أي بعد هذه المرة أو بعد هذه المسألة { فَلاَ تُصَاحِبْنِى } وقرأ عيسى . ويعقوب { فَلا } بفتح التاء من صحبه أي فلا تكن صاحبي ، وعن عيسى أيضاً { فَلا } بضم التاء وكسر الحاء من أصحبه ورواها سهل عن أبي عمرو أي فلا تصحبني إياك ولا تجعلني صاحبك ؛ وقدر بعضهم المفعول الثاني علمك وليس بذاك .

وقرأ الأعرج { فَلا } بفتح التاء والباء وشد النون ، والمراد المبالغة في النهي أي فلا تكن صاحبي البتة ، وهذا يؤيد كون المراد من النهي فيما لا تأكيد فيه التحريم ، والمراد به الحزم بالترك والمفارقة لا الترخيص على معنى إن سألتك بعد فأنت مرخص في ترك صحبتي { قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنّى عُذْراً } أي وجدت عذراً من قبلي ، وقال النووي : معناه قد بلغت إلى الغاية التي تعذر بسببها في فرافي حيث خالفتك مرة بعد مرة .

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر على صاحبه لرأي العجب لكن أخذته من صاحبه ذمامة فقال ذلك ، وقرأ نافع . وعاصم { مِن لَّدُنّى } بتخفيف النون وهي حجة على س في منعه ذلك ، والأكثرون على أنه حذف نون الوقاية وأبقى النون الأصلية المكسورة على ما هو القياس في الأسماء المضافة من أنها لا تلحقها نون الوقاية كوطني ومقامي ، وقيل : إنه يحتمل أن يكون المذكور نون الوقاية والمضاف إنما هو لد بلا نون لغة في لدن فلا حذف أصلاً ؛ وتعقب بأن نون الوقاية إنما هي في المبنى على السكون لتقيه الكسر و لد بلا نون مضموم . ورد بأنه لا مانع من أن يقال : إنها وقته من زوال الضم ؛ وأشم شعبة الضم في الدال وروي عن عاصم أنه سكنها ، وقال مجاهد : سوء غلط ، ولعله أراد رواية وإلا فقد ذكروا أن لد بالفتح والسكون لغة في لدن ، وقرأ عيسى { عُذْراً } بضم الذال ورويت عن أبي عمرو . وعن أبي { *عذري } بالإضافة إلى ياء المتكلم .