قوله تعالى : " قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني " شرط وهو لازم ، والمسلمون عند شروطهم ، وأحق الشروط أن يوفى به ما التزمه الأنبياء ، والتزم للأنبياء . " فلا تصاحبني " كذا قرأ الجمهور ، أي تتابعني . وقرأ الأعرج " تصحبني " بفتح التاء والباء وتشديد النون وقرئ " تَصْحَبْنِي " أي تتبعني وقرأ يعقوب " تصحبني " بضم التاء وكسر الحاء ، ورواها سهل عن أبي عمرو ، قال الكسائي : معناه فلا تتركني أصحبك .
قوله تعالى : " قد بلغت من لدني عذرا " يدل على قيام الاعتذار{[10637]} بالمرة الواحدة مطلقا ، وقيام الحجة من المرة الثانية بالقطع ، قاله ابن العربي . ابن عطية : ويشبه أن تكون هذه القصة أيضا أصلا للآجال في الأحكام التي هي ثلاثة ، وأيام المتلوم{[10638]} ثلاثة ، فتأمله .
" قد بلغت من لدني عذرا " أي بلغت مبلغا تعذر به في ترك مصاحبتي ، وقرأ الجمهور : " من لدني " بضم الدال ، إلا أن نافعا وعاصما خففا النون " لدن " اتصلت بها ياء المتكلم التي في غلامي وفرسي ، وكسر ما قبل الياء كما كسر في هذه . وقرأ أبو بكر عن عاصم " لَدْني " بفتح اللام وسكون الدال وتخفيف النون وروي عن عاصم " لدني " بضم اللام وسكون الدال ، قال ابن مجاهد : وهي غلط ، قال أبو علي : هذا التغليط يشبه أن يكون من جهة الرواية ، فأما على قياس العربية فهي صحيحة وقرأ الجمهور " عُذْرًا " وقرأ عيسى " عُذُرا " بضم الذال وحكى الداني{[10639]} أن أبيا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم " عذري " بكسر الراء وياء بعدها .
مسألة : أسند الطبري قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لأحد بدأ بنفسه ، فقال يوما : رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر على صاحبه لرأى العجب ولكنه قال " فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا " ) والذي في صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل لرأى العجب ولكنه أخذته من صاحبه ذَمَامَة ولو صبر لرأى العجب ) قال : وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه :( رحمة الله علينا وعلى أخي كذا ) وفي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يرحم الله موسى لوددنا أنه صبر حتى يقص علينا أمرهما ) الذَّمَامَة بالذال المعجمة المفتوحة ، وهو بمعنى المذمة بفتح الذال وكسرها ، وهي الرقة والعار من تلك{[10640]} الحرمة ، يقال أخذتني منك مَذَمَّة ومَذِمَّة وذَمَامَةٌ وكأنه استحيا من تكرار مخالفته ، ومما صدر عنه من تغليظ الإنكار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.