تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَآ أَنَا۠ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَٰمٗا زَكِيّٗا} (19)

{ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ } أي : فقال لها الملك مجيبًا لها ومزيلا ما{[18735]} حصل عندها من الخوف على نفسها : لست مما تظنين ، ولكني رسول ربك ، أي : بعثني إليك ، ويقال : إنها لما ذكرت الرحمن انتفض جبريل فرقا{[18736]} وعاد إلى هيئته وقال : " إنما أنا رسول ربك ليهب لك غلامًا زكيا " .

[ هكذا قرأ أبو عمرو بن العلاء أحد مشهوري القراء . وقرأ الآخرون : { لأهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا } ]{[18737]} وكلا القراءتين له وجه حسن ، ومعنى صحيح ، وكل تستلزم{[18738]} الأخرى .


[18735]:في أ: "لما".
[18736]:في ف، أ: "فزعا".
[18737]:زيادة من ف، أ.
[18738]:في أ: "يستلزم".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَآ أَنَا۠ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَٰمٗا زَكِيّٗا} (19)

{ قال إنما أنا رسول ربك } الذي استعذت به . { لأهب لك غلاما } أي لأكون سببا في هبته بالنفخ في الروع ، ويجوز أن يكون حكاية لقول الله تعالى ، ويؤيده قراءة أبي عمرو والأكثر عن نافع ويعقوب بالياء . { زكيا } طاهرا من الذنوب أو ناميا على الخير أي مترقيا من سن إلى سن على الخير والصلاح .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَآ أَنَا۠ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَٰمٗا زَكِيّٗا} (19)

القصر في قوله : { إنَّما أنا رسولُ ربّكِ } قصر إضافي ، أي لستُ بشراً ، رداً على قولها : { إن كنت تقياً } المقتضي اعتقادها أنه بشر .

وقرأ الجمهور { لأَهَبَ } بهمزة المتكلم بعد لام العلّة . ومعنى إسناد الهبة إلى نفسه مجاز عقلي لأنه سبب هذه الهبة . وقرأه أبو عمرو ، وورش عن نافع { ليهب } بياء الغائب ، أي ليهب ربّك لك ، مع أنها مكتوبة في المصحف بألف . وعندي أن قراءة هؤلاء بالياء بعد اللام إنما هي نطق الهمزة المخففة بعد كسر اللام بصورة نطق الياء .

ومحاورتها الملك محاولة قصدت بها صرفه عما جاء لأجله ، لأنها علمت أنّه مرسل من الله فأرادت مراجعة ربّها في أمر لم تطقه ، كما راجعه إبراهيم عليه السلام في قوم لوط ، وكما راجعه محمد عليه الصلاة والسلام في فرض خمسين صلاة . ومعنى المحاورة أن ذلك يجر لها ضرّاً عظيماً إذ هي مخطوبة لرجل ولم يَبْننِ بها فكيف يتلقى الناس منها الإتيان بولد من غير أب معروف .