روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ إِنَّمَآ أَنَا۠ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَٰمٗا زَكِيّٗا} (19)

{ قَالَ إِنَّمَا أَنَاْ رَسُولُ رَبّكِ } المالك لأمرك والناظر في مصلحتك الذي استعذت به ولست ممن يتوقع منه ما توهمت من الشر . روى عن ابن عباس أنها لما قالت : { إني أعوذ } [ مريم : 18 ] الخ تبسم جبريل عليه السلام وقال : { قَالَ إِنَّمَا أَنَاْ رَسُولُ رَبّكِ } { لِأهَبَ لَكِ غلاما } أي لأكون سبباً في هبته بالنفخ في الدرع ، ويجوز أن يكون حكاية لقوله تعالى بتقدير القول أي ربك الذي قال أرسلت هذا الملك لأهب لك ، ويؤيده قراءة شيبة . وأبي الحسن . وأبي بحرية . والزهري . وابن مناذر . ويعقوب . واليزيدي . وأبي عمرو . ونافع في رواية ليهب بالياء فإن فاعله ضمير الرب تعالى . وما قيل : من أصل { *ليهب } لأهب فقلبت الهمزة ياء لانكسار ما قبلها تعسف من غير داع له .

وفي بعض المصاحب : أمرني أن أهل لك غلاماً { غلاما زَكِيّاً } طاهراً من الذنوب ، وقيل : نبياً . وقيل : نامياً على الخير أي مترقياً من سن إلى سن على الخير والصلاح فالزكا شامل للزيادة المعنوية والحسية . واستدل بعضهم برسالة الملك إليها على نبوتها .

وأجيب : بأن الرسالة لمثل ذلك لا تستدعي النبوة .