تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ} (30)

أي : ليوفيهم ثواب ما فعلوه ويضاعفه لهم بزيادات لم تخطر لهم ، { إِنَّهُ غَفُورٌ } أي : لذنوبهم ، { شَكُورٌ } للقليل من أعمالهم .

قال قتادة : كان مُطَرِّف ، رحمه الله ، إذا قرأ هذه الآية يقول : هذه آية القراء .

قال{[1]} الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، حدثنا سالم بن غيلان أنه سمع دَرَّاجا أبا السمح يحدث عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخُدْريّ ، رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله تعالى{[2]} إذا رضي عن العبد أثنى عليه سَبْعةَ{[3]} أصناف من الخير لم يعمله ، وإذا سخط على العبد أثنى عليه سَبْعة{[4]} أصناف من الشر لم يعمله{[5]} ، غريب جدا .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
[5]:في د: "تكفروهما".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ} (30)

وقوله : { ليوفيهم أجورهم } علة لمدلوله أي ينتفي عنها الكساد وتنفق عند الله ليوفيهم بنفاقها أجور أعمالهم ، أو لمدلول ما عد من أمثالهم نحو فعلوا ذلك { ليوفيهم } أو عاقبة ل { يرجون } . { ويزيدهم من فضله } على ما يقابل أعمالهم . { إنه غفور } لفرطاتهم . { شكور } لطاعاتهم أي مجازيه عليها . وهو علة للتوفية والزيادة أو خبر إن ويرجون حال من واو وأنفقوا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ} (30)

و{ ليوفيهم } متعلق ب { يرجون } ، أي بشرناهم بذلك وقدَّرناه لهم لنوفيهم أجورهم . ووقع الالتفات من التكلم في قوله : { مما رزقناهم } إلى الغيبة رجوعاً إلى سياق الغيبة من قوله : { يتلون كتاب الله } أي ليوفي الله الذين يتلون كتابه .

والتوفية : جعل الشيء وافِياً ، أي تامّاً لا نقيصة فيه ولا غبن .

وأسْجلَ عليهم الفضل بأنه يزيدهم على ما تستحقه أعمالهم ثواباً من فضله ، أي كرمه ، وهو مضاعفة الحسنات الواردة في قوله تعالى : { كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة } [ البقرة : 261 ] الآية .

وذيل هذا الوعد بما يحققه وهو أن الغفران والشكران من شأنه ، فإنّ من صفاته الغفور الشكور ، أي الكثير المغفرة والشديد الشكر .

فالمغفرة تأتي على تقصير العباد المطيعين ، فإن طاعة الله الحقّ التي هي بالقلب والعمل والخواطر لا يبلغ حق الوفاء بها إلا المعصوم ولكن الله تجاوز عن الأمة فيما حدّثت به أنفسها ، وفيما همت به ولم تفعله ، وفي اللمم ، وفي محو الذنوب الماضية بالتوبة ، والشكر كناية عن مضاعفة الحسنات على أعمالهم فهو شكر بالعمل لأن الذي يجازي على عمل المجزيّ بجزاء وافر يدل جزاؤه على أنه حمد للفاعل فعله .

وأكد هذا الخبر بحرف التأكيد زيادة في تحقيقه ، ولما في التأكيد من الإِيذان بكون ذلك علة لتوفية الأجور والزيادة فيها .

وفي الآية ما يشمل ثواب قُرَّاء القرآن ، فإنهم يصدق عنهم أنهم من الذين يتلون كتاب الله ويقيمون الصلاة ولو لم يصاحبهم التدبر في القرآن فإن للتلاوة حظها من الثواب والتنوّر بأنوار كلام الله .