تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ} (3)

{ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ } الإنقاض : الصوت . وقال غير واحد من السلف في قوله : { الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ } أي : أثقلك حمله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ} (3)

الذي أنقض ظهرك الذي حمله على النقيض وهو صوت الرحل عند الانتقاض من ثقل الحمل وهو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة ، أو جهله بالحكم والأحكام ، أو حيرته ، أو تلقي الوحي ، أو ما كان يرى من ضلال قومه من العجز عن إرشادهم أو من إصرارهم وتعديهم في إيذائه حين دعاهم إلى الإيمان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ} (3)

و { أنقض } معناه جعله نقضاً ، أي هزيلاً معيباً من الثقل ، وقيل معناه أسمع له نقيضاً وهو الصوت ، وهو مثل نقيض السفن وكل ما حملته ثقلاً فإنه ينتقض تحته ، وقال عباس بن مرداس : [ الطويل ]

وأنقض ظهري ما تطوقت منهم . . . وكنت عليهم مشفقاً متحننا{[11885]}


[11885]:أنقض ظهري: أثقله وأوهنه، وقيل: جعل له نقيضا أي صوتا من شدة الحمل، ومعنى (تطوقت منهم): تحملت من إنعامهم. والإشفاق عليه: شدة الخوف عليه. والتحنن: الرحمة والعطف. وعباس بن مرداس هو السلمي ،من المؤلفة قلوبهم الذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وجعل نصيبه أقل من غيره، فأبى فأرضاه الرسول صلوات الله وسلامه عليه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ} (3)

و { أنقض } جعل الشيءَ ذا نقيض ، والنقيض صوت صرير المحمل والرحْل وصوتُ عظام المفاصل ، وفرقعةُ الأصابع ، وفعله القاصر من باب نصر ويعدّى بالهمزة .

وإسناد { أنقض } إلى الوِزر مجاز عقلي ، وتعديته إلى الظهر تَبع لتشبيه المشقة بالحمل ، فالتركيب تمثيل لمتجشم المشاققِ الشديدة ، بالحَمولة المثقلة بالإِجمال تثقيلاً شديداً حتى يسمع لعظام ظهرها فرقعة وصرير . وهو تمثيل بديع لأنه تشبيه مركب قابل لتفريق التشبيه على أجزائه .

ووصف الوزر بهذا الوصف تكميل للتمثيل بأنه وزر عظيم .

واعلم أن في قوله : { أنقض ظهرك } اتصالَ حرفي الضاد والظاء وهما متقاربا المخرج فربما يحصل من النطق بهما شيء من الثقل على اللسان ولكنه لا ينافي الفصاحة إذ لا يبلغ مبلغ ما يسمى بتنافر الكلماتتِ بل مثله مغتفر في كلام الفصحاء .

والعرب فُصحاء الألسن فإذا اقتضى نظم الكلام ورود مثل هذين الحرفين المتقاربين لم يعبأ البليغ بما يعرض عند اجتماعهما من بعض الثقل ، ومثل ذلك قوله تعالى : { وسبحه } [ الإنسان : 26 ] في اجتماع الحاء مع الهاء ، وذلك حيث لا يصح الإدغام . وقد أوصى علماء التجويد بإظهار الضاد مع الظاء إذا تلاقيا كما في هذه الآية وقوله : { ويوم يعض الظالم } [ الفرقان : 27 ] ولها نظائر في القرآن .

وهذه الآية هي المشتهرة ولم يزل الأيمة في المساجد يتوخون الحذر من إبدال أحد هذين الحرفين بالآخر للخلاف الواقع بين الفقهاء في بطلان صلاة اللحَّان ومَن لا يحسن القراءة مطلقاً أو إذا كان عَامداً إذا كان فذاً وفي بطلان صلاة من خلفه أيضاً إذا كان اللاحن إماماً .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ} (3)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : كان أثقل ظهرك فوضعناه عنك ، لقوله :{ إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما } [ الفتح : 1 ، 2 ] يا محمد . ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"الّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ" قال : أثقله وجهده ، كما يُنْقِضُ البعيرَ حِمْله الثقيل ، حتى يصير نِقْضا بعد أن كان سمينا، "وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ" قال : ذنبك الذي أنقض ظهرك : أثقل ظهرَك ، ووضعناه عنك ، وخفّفنا عنك ما أثقل ظهرَك . ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ الذي أنقض ظهرك } أي جعله وهو عماد بدنك تصوت مفاصله من الثقل كما يصوت الرحل الجديد إذا لز بالحمل الثقيل ، وذلك هو ما دهمه عندما أمر بإنذار قومه ومفاجأتهم بما يكرهون عن عيب دينهم وتضليل آبائهم وتسفيه حلومهم في التدين بدين لا يرضاه أدنى العقلاء إذا تأمل شيئاً من تأمل مع التجرد من حظ النفس مع ما عندهم من الأنفة والحمية وإلقاء الأنفس في المهالك لأدنى غضب......

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

اللّه سبحانه وضع عنك أيّها النّبي ذلك الحمل الثقيل القاصم الظهر . وأي حمل وضعه اللّه عن نبيّه ؟ القرائن في الآيات تدل على أنّه مشاكل الرسالة والنّبوّة والدعوة إلى التوحيد وتطهير المجتمع من ألوان الفساد ، وليس نبيّ الإسلام وحده بل كلّ الأنبياء في بداية الدعوة واجهوا مثل هذه المشاكل الكبرى ، وتغلبوا عليها بالإمداد الإلهي وحده ، مع فارق في الظروف ، فبيئة الدعوة الإسلامية كانت ذات عقبات أكبر ومشاكل . .