اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ} (3)

قوله : { الذي أَنقَضَ ظَهْرَكَ } ، أي : حمله على النقض ، وهو صوت الانتقاض والانفكاك لثقله ، مثل لما كان يثقله صلى الله عليه وسلم .

قال أهل اللغة : أنقض الحمل ظهر الناقة : إذا سمعت له صريراً من شدة الحمل ، وسمعت نقيض الرجل أي صريره ؛ قال العبَّاس بن مرداسٍ : [ الطويل ]

5250- وأنْقضَ ظَهْرِي ما تطَوَّيْتُ مِنهُم *** وكُنْتُ عَليْهِمْ مُشْفِقاً مُتَحَنِّنَا{[60456]}

وقال جميلٌ : [ الطويل ]

5251- وحتَّى تَداعَتْ بالنَّقيضِ حِبالهُ *** وهَمَّتْ بَوانِي زَوْرهِ أنْ تُحطَّمَا{[60457]}

والمعنى : أثقل ظهرك حين سمع نقيضه ، أي : صوته .

والوِزْرُ : الحمل الثقيل .

قال المحاسبيُّ : يعني : ثقل الوزر لولم يعفُ الله عنه .

قال : وإنما وُصفتْ ذنوبُ الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - بهذا الثقل مع كونها مغفورة لشدة اهتمامهم بها ، وندمهم منها ، وتحسرهم عليها [ وقال الحسين بن الفضل : يعني الخطأ والسهو .

وقيل : ذنوب أمتك أضافها إليه لاشتغال قلبه بها ]{[60458]} .

وقال عبد العزيز بن يحيى وأبو عبيدة : خففنا عنك أعباء النبوة ، والقيام بها ، حتى لا تثقل عليك .

وقيل : كان في الابتداء يثقل عليه الوحي ، حتى كاد يرمي نفسه من شاهق الجبل ، إلى أن جاء جبريل - عليه السلام - وأزال صلى الله عليه وسلم عنه ما كان يخاف من تغير العقل .

وقيل : عصمناك عن احتمال الوِزْر ، وحفظناك قبل النبوة في الأربعين من الأدناس ، حتى نزل عليه الوحي ، وأنت مطهَّر من الأدناس .


[60456]:ينظر البحر 8/484، والدر المصون 6/541، وفتح القدير 5/461.
[60457]:ينظر القرطبي 20/72، والبحر 8/484، والدر المصون 6/541، وفتح القدير 5/461.
[60458]:سقط من: ب.