فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ} (3)

ثم وصف هذا الوزر فقال : { الذي أَنقَضَ ظَهْرَكَ } . قال المفسرون : أي أثقل ظهرك . قال الزجاج : أثقله حتى سمع له نقيض : أي صوت ، وهذا مثل معناه : أنه لو كان حملاً يحمل لسمع نقيض ظهره ، وأهل اللغة يقولون : أنقض الحمل ظهر الناقة : إذا سمع له صرير ، ومنه قول جميل :

وحتى تداعت بالنقيض حباله *** وهمت ثواني زوره أن تحطما

وقول العباس بن مرداس :

وأنقض ظهري ما تطويت منهم *** وكنت عليهم مشفقا متحننا

قال قتادة : كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته فغفرها الله له ، وقوم يذهبون إلى أن هذا تخفيف أعباء النبوّة التي تثقل الظهر من القيام بأمرها سهل الله ذلك عليه حتى تيسرت له : وكذا قال أبو عبيدة وغيره . وقرأ ابن مسعود ( وحللنا عنك وقرك ) . ثم ذكر سبحانه منته عليه وكرامته فقال : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } قال الحسن : وذلك أن الله لا يذكر في موضع إلاّ ذكر معه صلى الله عليه وسلم . قال قتادة : رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلاّ ينادي ، فيقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله أشهد أن محمداً رسول الله .

/خ8