تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24)

وقوله : { وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ } كقوله { وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ } [ إبراهيم : 23 ] ، وقوله : { وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ . سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } [ الرعد : 23 ، 24 ] ، وقوله : { لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلا قِيلا سَلامًا سَلامًا } [ الواقعة : 25 ، 26 ] ، فهدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب ، { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا } [ الفرقان : 75 ] ، لا كما يهان أهل النار بالكلام الذي يُرَوّعون به{[20100]} ويقرعون به ، يقال لهم : { وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ }

وقوله : { وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ } أي : إلى المكان الذي يحمدون فيه ربهم ، على ما أحسن إليهم وأنعم به وأسداه إليهم ، كما جاء في الصحيح : " إنهم يلهمون التسبيح والتحميد ، كما يلهمون النَّفَسَ " .

وقد قال بعض المفسرين في قوله : { وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ } أي : القرآن . وقيل : لا إله إلا الله . وقيل : الأذكار المشروعة ، { وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ } أي : الطريق المستقيم في الدنيا . وكل هذا لا ينافي ما ذكرناه ، والله أعلم .


[20100]:- في ت : "يوبخون فيه" ، وفي ف ، أ : "يوبخون به".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24)

وقوله : وَهُدُوا إلى الطّيّبِ مِنَ القَوْلِ يقول تعالى ذكره : وهداهم ربهم في الدنيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله . كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ابن زيد ، في قوله : وَهُدُوا إلى الطّيبِ منَ القَوْلِ قال : هدوا إلى الكلام الطيب : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله قال الله : إلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلمُ الطّيّبُ وَالعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ .

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : وَهُدُوا إلى الطّيّبِ مِنَ القَوْلِ قال : ألهموا .

وقوله : وَهُدُوا إلى صِراطِ الحَمِيدِ يقول جلّ ثناؤه : وهداهم ربهم في الدنيا إلى طريق الربّ الحميد ، وطريقه : دينه دين الإسلام الذي شرعه لخلقه وأمرهم أن يسلكوه والحميد : فعيل ، صرّف من مفعول إليه ، ومعناه : أنه محمود عند أوليائه من خلقه ، ثم صرّف من محمود إلى حميد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24)

و { الطيب من القول } لا إله إلاَّ الله وما جرى معها من ذكر الله تعالى وتسبيحه وتقديسه وسائر كلام أهل الجنة من محاورة وحديث طيب فإنها لا تسمع فيها لاغية ، و { صراط الحميد } هو طريق الله تعالى الذي دعا عباده إليه ، ويحتمل أن يريد ب { الحميد } نفس الطريق فأضاف إليه على حد إضافته في قوله { دار الآخرة }{[8338]} [ الأنعام : 32 ، يوسف 109 ، النحل : 30 ] .


[8338]:من قوله تعالى: {ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون} من الآية (109) من سورة (يوسف) ـ وتكررت في قوله تعالى في الآية (30) من سورة (النحل): {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين}.