مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24)

ورابعها : قوله : { وهدوا إلى الطيب من القول } وفيه وجوه . أحدها : أن شهادة لا إله إلا الله هو الطيب من القول لقوله : { مثلا كلمة طيبة } وقوله : { إليه يصعد الكلم الطيب } وهو صراط الحميد لقوله : { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } ، وثانيها : قال السدي ( وهدوا إلى الطيب من القول ) هو القرآن . وثالثها : قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عطاء هو قولهم الحمد لله الذي صدقنا وعده . ورابعها : أنهم إذا ساروا إلى الدار الآخرة هدوا إلى البشارات التي تأتيهم من قبل الله تعالى بدوام النعيم والسرور والسلام ، وهو معنى قوله : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } وعندي فيه وجه خامس : وهو أن العلاقة البدنية جارية مجرى الحجاب للأرواح البشرية في الاتصال بعالم القدس فإذا فارقت أبدانها انكشف الغطاء ولاحت الأنوار الإلهية . وظهور تلك الأنوار هو المراد من قوله : { وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد } والتعبير عنها هو المراد من قوله : { وهدوا إلى الطيب من القول } .