تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

18

وهي الباردة الشديدة البرد ، { فِي يَوْمِ نَحْسٍ } أي : عليهم . قاله الضحاك ، وقتادة ، والسّدّي . { مُسْتَمِرٍّ } عليهم نحسه ودماره ، لأنه يوم اتصل فيه عذابهم الدنيوي بالأخروي .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

وقوله : إنّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا صَرْصَرا يقول تعالى ذكره : إنا بعثنا على عاد إذ تمادوا في طغيانهم وكفرهم بالله ريحا صرصرا ، وهي الشديدة العصوف في برد ، التي لصوتها صرير ، وهي مأخوذة من شدة صوت هبوبها إذا سمع فيها كهيئة قول القائل : صرّ ، فقيل منه : صرصر ، كما قيل : فكبكبوا فيها ، من فكبوا ، ونَهْنَهْت من نَهَهْتُ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : رِيحا صَرْصَرا قال : ريحا باردة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا صَرْصَرا والصّرصر : الباردة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : الصّرصر : الباردة .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا مُعاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : رِيحا صَرْصَرا باردة .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان رِيحا صَرْصَرا قال : شديدة ، والصرصر : الباردة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : رِيحا صَرْصَرا قال : الصرصر : الشديدة .

وقوله : فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرَ يقول : في يوم شرّ وشؤم لهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : النّحْس : الشؤم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فِي يَوْمِ نَحْسٍ قال النحس : الشرّ فِي يَوْمِ نَحْسٍ فِي يوم شرّ .

وقد تأوّل ذلك آخرون بمعنى شديد ، ومن تأوّل ذلك كذلك فإنه يجعله من صفة اليوم ، ومن جعله من صفة اليوم ، فإنه ينبغي أن يكون قراءته بتنوين اليوم ، وكسر الحاء من النّحْس ، فيكون «فِي يَوْمٍ نَحِسٍ » كما قال جلّ ثناؤه فِي أيّامٍ نَحِساتٍ ولا أعلم أحدا قرأ ذلك كذلك في هذا الموضع ، غير أن الرواية التي ذكرت في تأويل ذلك عمن ذكرت عنه على ما وصفنا تدلّ على أن ذلك كان قراءة . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : فِي يَوْمِ نَحْسٍ قال : أيام شداد .

وحُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : فِي يَوْمِ نَحْسٍ يوم شديد .

وقوله : مُسْتَمِرَ يقول : في يوم شرّ وشؤم ، استمرّ بهم البلاء والعذاب فيه إلى أن وافى بهم جهنم . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرَ يستمرّ بهم إلى نار جهنم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

و : «الصرصر » قال ابن عباس وقتادة معناه الباردة وهو الصر . وقال جماعة من المفسرين معناه : المصوتة نحو هذين الحرفين مأخوذ من صوت الريح إذا هبت دفعاً ، كأنها تنطق بهذين الحرفين ، الصاد والراء ، وضوعف الفعل كما قالوا : كبكب وكفكف من كب وكب ، وهذا كثير ، ولم يختلف القراء في سكون الحاء من «نحْس » وإضافة اليوم إليه إلا ما روي عن الحسن أنه قرأ : «في يومٍ » بالتنوين و : «نحِس » بكسر الحاء . و { مستمر } معناه : متتابع ، قال قتادة : استمر بهم ذلك النحس حتى بلغهم جهنم . قال الضحاك في كتاب الثعلبي المعنى كان مراً عليهم ، وذكره النقاش عن الحسن ، وروي أن ذلك اليوم الذي كان لهم فيه { نحس مستمر } كان يوم أربعاء ، وورد في بعض الأحاديث في تفسير هذه الآية : { يوم نحس مستمر } : يوم الأربعاء ، فتأول في ذلك بعض الناس أنه يصحب في الزمن كله ، وهذا عندي ضعيف وإن كان الدولابي أبو بشر قد ذكر حديثاً رواه أبو جعفر المنصور عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «آخر أربعاء من الشهر يوم نحس مستمر »{[10775]} ، ويوجد نحو هذا في كلام الفرس والأعاجم ، وقد وجد ذكر الأربعاء التي لا تدور في شعر لبعض الخراسانيين المولدين ، وذكر الثعلبي عن زر بن حبيش في تفسير هذا اليوم لعاد أنه كل يوم أربعاء لا تدور ، وذكره النقاش عن جعفر بن محمد وقال : كان القمر منحوساً بزحل وهذه نزعة سوء عياذاً بالله أن تصح عن جعفر بن محمد .


[10775]:أخرجه وكيع في الغرر، وابن مردويه في التفسير، والخطيب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورمز له السيوطي في (الجامع الصغير) بأنه ضعيف.