الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

قوله : { صَرْصَراً } : أي الشديدةُ الصوتِ مِنْ صَرْصَرَ البابُ أو القلمُ إذا صوَّت ، أو الشديدة البرد مِنْ الصِّرِّ وهو البرد . وهو كله أصولٌ عند الجمهور . وقال مكي : أصلُه صَرَّر مِنْ صرَّ البابُ إذا صَوَّتَ لكنْ أبدلوا من الراء المشدة صاداً " . قلت : وهذا قول الكوفيين . ومثلُه : كَبْكَبَ وكَفْكَفَ ، وتقدَّم هذا في فُصِّلَتْ وغيرها .

قولُه : { يَوْمِ نَحْسٍ } العامّةُ على إضافة " يوم " إلى " نَحْس " بسكونِ الحاءِ . وفيه وجهان ، أحدهما : أنَّه من إضافة الموصوف إلى صفتِه . والثاني : وهو قَولُ البصريين أنه صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ ، أي : يوم عذابِ نحس ، وقرأ الحسن بتنوينه ووَصْفِه ب نَحْس ، ولم يُقَيِّدْه الزمخشريُّ بكسر الحاء . وقَيَّده الشيخ . وقد قُرِىء قولُه تعالى

{ فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } [ فصلت : 16 ] بسكونِ الحاءِ وكسرِها . وتنوين " أيام " عند الجميع كما تقدَّم تقريره " ومُسْتمر " صفةٌ ل " يوم " أو " نَحْسٍِ " ومعناه كما تَقدَّم ، أي : دامَ عليهم حتى أهلكهمِ أو مِنْ المرارة .