تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

18

المفردات :

ريحا صرصرا : باردة أشد البرد ، يقال : ريح صرّ وصرصر أي : شديدة الصوت ، أو الباردة .

النّحس : الشؤم على عاد حتى أهلكهم .

مستمر : دائم شؤمه حتى أهلكهم .

التفسير :

19-{ إنّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ } .

أرسلنا عليهم ريحا باردة شديدة الصوت .

قال ابن كثير :

قيل : باردة ، وقيل : شديدة الصوت ، والحق أنها متصفة بجميع ذلك ، فقد كانت ريحا شديدة قوية ، وكانت باردة شديدة البرد ، وكانت ذات صوت مزعج . أ . ه .

أي : جمعت الهلاك والإبادة والتدمير ، في يوم شؤم على هؤلاء المعتدين مستمر ، حيث اتصل عذابهم في الدنيا بعذابهم في الآخرة ، وقد نهينا في السنة المطهرة عن التشاؤم من أمر بعينه ، أو يوم بعينه وإنما الأيام والليالي كلها سواء ، لذا كان التشاؤم بالعدد ( 13 ) غير صحيح شرعا ودينا .

روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ، وفرّ من المجذوم فرارك من الأسد " vi .

أي أن العدوى لا تقع إلا بإذن الله ، ولا يجوز التطيّر أو التشاؤم من شيء ، فإذا رأى الإنسان شيئا يتشاءم منه ، يقول : " اللهم لا يأتي بالخير إلا أنت ، ولا يُذهب السوء إلا أنت ، اللهم اكفني السوء بما شئت وكيف شئت ، إنك على ما تشاء قدير " vii . ثم يمضي في عمله ولا يتراجع عنه .

( ولا هامة ) كانت العرب تعتقد أن روح القتيل تتقمّص طائرا يسمى الصَّدى وتصيح بالليل تقول : ( اسقوني من دم قاتلي ) ، فإذا أخذ بثأره هدأ القتيل واستقرت روحه ، وهذه خرافة لا أصل لها ، وكانت تدفعهم للأخذ بالثأر ، فقال صلى الله عليه وسلم : " لا هامة " .

( ولا صفر ) قد حرّم الله القتال في شهر المحرم ، وكان العرب إذا احتاجوا إلى الحرب في المحرم ، قام كبيرهم ، فقال : إني أحللت لكم القتال في المحرم ، ونقلت تحريمه إلى شهر صفر ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ولا صفر " ، أي : لا يجوز تحريم القتال في شهر صفر ، بل يجب الإبقاء على جعل المحرم هو الشهر الحرام بنفسه دون غيره .

وفي آخر الحديث نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى الابتعاد عن الاختلاط بأصحاب الأمراض المعدية ، فكما تفرّ من الأسد المفترس ، ينبغي أن تفرَّ من المريض بالجُذام ، ويقاس عليه كل مرض مُعد .