فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

{ إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا } هذه الجملة مستأنفة مبينة لما أجمله سابقا من العذاب ، والصرصر شدة البرد ، أي : ريح شديدة البرد ، وقيل : الصرصر شدة الصوت ، وقد تقدم بيانه في حم السجدة . قال ابن عباس : ريحا صرصرا أي باردة { في يوم نحس مستمر } أي : دائم الشؤم إلى الأبد ، استمر عليهم بنحوسة ، واستمر فيه العذاب إلى الهلاك ، وقد كانوا يتشاءمون بذلك اليوم ، قال الزجاج : أي بيوم الأربعاء في آخر الشهر ، أي شهر شوال لثمان بقين منه ، واستمر إلى غروب الشمس ، قال الخطيب : وقد قال في سورة الحاقة :سبع ليال وثمانية أيام حسوما ، وفي حم السجدة في أيام نحسات ، فالمراد باليوم هنا الوقت والزمان انتهى .

قال الضحاك : كان ذلك اليوم مرا عليهم ، وكذا حكى الكسائي عن قوم أنهم قالوا هو من المرارة كالشيء المر ، تكرهه النفوس ، وقيل : هو من المرة بمعنى القوة ، أي في يوم قوي الشؤم مستحكمه . كالشيء المحكم الفتل الذي لا يطاق نقضه ، والظاهر أنه من الاستمرار لا من المرارة ، ولا من المرة أي دام عليهم العذاب فيه حتى أهلكهم ، وشمل إهلاكه كبيرهم وصغيرهم ، وقيل : استمر بهم إلى نار جهنم ، قال ابن عباس : في أيام شداد ، " عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء يوم نحس مستمر " ، أخرجه ابن المنذر وابن مردويه ، وأخرجه هو عنه من وجه آخر{[1552]} مرفوعا .

" وعن علي أيضا مرفوعا وعن أنس أيضا مرفوعا وفيه قيل : وكيف ذاك يا رسول الله ؟ قال : أغرق الله فيه فرعون وقومه ، وأهلك فيه عادا وثمود " ، وأخرج ابن مردويه والخطيب بسند قال السيوطي : ضعيف .

" عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر " . قرأ الجمهور بإضافة يوم إلى نحس مع سكون الحاء وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة أو على تقدير مضاف ، أي في يوم عذاب نحس ، وقرئ بتنوين يوم على أن نحس صفة له ، وقرئ بكسر الحاء .


[1552]:قلت: قال شيخ الإسلام الشوكاني: قال الصنعاني: موضوع، وكذا قال ابن الجوزي، ورواه الخطيب وفي إسناده كذاب، ورواه ابن مردويه، وفي إسناده متروك وأما حديث ابن عباس فقد قال الحافظ ابن حجر: هذا كذب على ابن عباس، لا تحل روايته؟ المطيعي.