السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

ثم بين عذابهم بقوله تعالى : { إنا أرسلنا } أي : بمالنا من العظمة . { عليهم ريحاً } وعبر بحرف الاستعلاء إعلاماً بالنقمة ، ثم وصف الريح بقوله تعالى : { صرصراً } أي : شديدة الصوت من صرصر الباب أو القلم إذا صوت ، وقيل : الشديدة البرد من الصر ، وهو البرد ، وقال مكي : أصله صرّر من صرَّ الشيء إذا صوت لكن أبدلوا من الراء المشدّة صاداً وهذا قول الكوفيين وقال الرازي : الصرصر : الدائمة الهبوب ، من أصر على الشيء إذا دام وثبت .

وأكد شؤمها بذم زمانها فقال تعالى : { في يوم نحس } أي : شديد القباحة قيل : كان ذلك يوم الأربعاء في آخر الشهر وهو شوال لثمان بقين منه ، واستمر إلى غروب شمس الأربعاء آخره ، فإنه قال تعالى في سورة الحاقة : { سبع ليال وثمانية أيام حسوماً } [ فصلت : 16 ] وقال تعالى في حم السجدة : { في أيام نحسات } [ فصلت : 16 ] فالمراد باليوم هنا الوقت والزمان ، وقوله تعالى : { مستمر } أي : دائم الشؤم إلى وقت نفاذ المراد منه يفيد ما تفيده الأيام ، لأنّ الاستمرار ينبئ عن امتداد الزمان كما تنبئ عنه الأيام ، والحكاية مذكورة هنا على سبيل الاختصار ، فذكر الزمان ولم يذكر مقداره على سبيل الإيجاز فاستمر عليهم بنحوسه ولم يبق منهم أحد إلا أهلكه ، هذا وصفها في ذاتها .