البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

الصرصر : الشديدة الصوت ، أو البرد ، إما من صرير الباب ، وهو تصويته ، أو من الصر الذي هو البرد ، وهو بناء متأصل على وزن فعلل عند الجمهور .

وتكرر التهويل بالاستفهام قبل ذكر ما حل بهم وبعده ، لغرابة ما عذبوا به من الريح ، وانفرادهم بهذا النوع من العذاب ، ولأن الاختصار داعية الاعتبار والتدبر والصرصر الباردة ، قاله ابن عباس والضحاك وقتادة .

وقيل ، المصوتة والجمهور : على إضافة يوم إلى نحس ، وسكون الحاء .

وقرأ الحسن : بتنوين يوم وكسر الحاء ، جعله صفة لليوم ، كقوله تعالى : { في أيام نحسات } { مستمر } ، قال قتادة : استمر بهم حتى بلغهم جهنم .

وعن الحسن والضحاك : كان مراً عليهم .

وروي أنه كان يوم الأربعاء ، والذي يظهر أنه ليس يوماً معيناً ، بل أريد به الزمان والوقت ، كأنه قيل : في وقت نحس .

ويدل على ذلك أنه قال في سورة فصلت : { فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيامٍ نحساتٍ } وقال في الحاقة : { سخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسوماً } إلا أن يكون ابتداء الريح في يوم الأربعاء ، فعبر بوقت الابتداء ، وهو يوم الأربعاء ، فيمكن الجمع بينها .