تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡهِم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمُبۡلِسِينَ} (49)

وقوله : { وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنزلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } ، معنى الكلام : أن هؤلاء القوم الذين أصابهم هذا المطر كانوا قَنطين أزلين من نزول المطر إليهم قبل ذلك ، فلما جاءهم ، جاءهم على فاقة ، فوقع منهم موقعا عظيما .

وقد اختلف النحاة في قوله : { مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنزلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } ، فقال ابن جرير : هو تأكيد . وحكاه عن بعض أهل العربية .

وقال آخرون : [ وإن كانوا ]{[22890]} من قبل أن ينزل عليهم المطر ، { مِنْ قَبْلِهِ } أي : الإنزال { لَمُبْلِسِينَ } .

ويحتمل أن يكون ذلك من دلالة التأسيس ، ويكون معنى الكلام : أنهم كانوا محتاجين إليه قبل نزوله ، ومن قبله - أيضا - قد فات عندهم نزوله وقتا بعد وقت ، فترقبوه في إبانه فتأخر ، فمضت مدة فترقبوه فتأخر ، ثم جاءهم بغتة بعد الإياس منه والقنوط ، فبعد ما كانت أرضهم مقشعرة هامدة أصبحت وقد اهتزت وربت ، وأنبتت من كل زوج بهيج ؛ ولهذا قال : { فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ }


[22890]:- زيادة من أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡهِم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمُبۡلِسِينَ} (49)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزّلَ عَلَيْهِمْ مّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وكان هؤلاء الذين أصابهم الله بهذا الغيث من عباده من قبل أن ينزل عليهم هذا الغيث من قبل هذا الغيث لمبلسين ، يقول : لمكتئبين حزنين باحتباسه عنهم ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة وَإنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أنْ يُنَزّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ : أي قانطين .

واختلف أهل العربية في وجه تكرير «من قبله » ، وقد تقدم قبل ذلك قوله : مِنْ قَبْلِ أنْ يُنَزّلَ عَلَيْهِمْ فقال بعض نحويي البصرة : ردّ من قبله على التوكيد نحو قوله : فَسَجَدَ المَلائكَةُ كُلّهُمْ أجمَعُونَ وقال غيره : ليس ذلك كذلك ، لأن مع مِنْ قَبْلِ أنْ يُنَزّلَ عَلَيْهمْ حرفا ليس مع الثانية ، قال : فكأنه قال : من قبل التنزيل من قبل المطر فقد اختلفتا ، وأما كُلّهُمْ أجمَعُونَ وكد بأجمعين لأن كلاً يكون اسما ويكون توكيدا ، وهو قوله أجمعون . والقول عندي في قوله : مِنْ قَبْلِهِ على وجه التوكيد .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡهِم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمُبۡلِسِينَ} (49)

{ وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم } المطر . { من قبله } تكرير للتأكيد والدلالة على تطاول عهدهم بالمطر واستحكام يأسهم ، وقيل الضمير للمطر أو السحاب أو الإرسال . { لمبلسين } لآيسين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡهِم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمُبۡلِسِينَ} (49)

و{ إنْ } في قوله { وإن كانوا } مخفَّفة مهملة عن العمل ، واللام في قوله { لَمُبْلِسِين } اللام الفارقة بين { إنْ } المخففة و { إنْ } الشرطية .

والإبلاس : يأس مع انكسار . وقوله { مِنْ قَبْلِه } تكرير لقوله { من قبلِ أن ينزّل عليهم } [ الروم : 49 ] لتوكيد معنى قبلية نزول المطر وتقريره في نفوس السامعين . قال ابن عطية : أفاد التأكيد الإعلام بسرعة تقلب قلوب البشر من الإبلاس إلى الاستبشار اهـ . يعني أن إعادة قوله { مِنْ قَبْله } زيادة تنبيه على الحالة التي كانت من قبل نزول المطر . وقال في « الكشاف » : « فيه الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول فاستحكم إبلاسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم » اه . يعني أن فائدة إعادة { من قبله } أن مدة ما قبل نزول المطر مدة طويلة فأشير إلى قوتها بالتوكيد .

وضمير { قبله } عائد إلى المصدر المأخوذ من { أن ينزل عليهم } أي تنزيله .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡهِم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمُبۡلِسِينَ} (49)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{لمبلسين}: آيسين من المطر...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وكان هؤلاء الذين أصابهم الله بهذا الغيث من عباده من قبل أن ينزل عليهم هذا الغيث من قبل هذا الغيث "لمبلسين"، يقول: لمكتئبين حزنين باحتباسه عنهم... عن قَتادة "وَإنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أنْ يُنَزّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ": أي قانطين.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{مِن قَبْلِهِ} من باب التكرير والتوكيد، كقوله تعالى: {فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِي النار خالدين فِيهَا} [الحشر: 17]. ومعنى التوكيد فيه: الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد، فاستحكم بأسهم وتمادى إبلاسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

... فلما جاءهم، جاءهم على فاقة، فوقع منهم موقعا عظيما...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم بين طيشهم وعجزهم بقوله: {وإن} أي والحال أنهم {كانوا} في الزمن الماضي كوناً متمكناً في نفوسهم، وبين قرب يأسهم من استبشارهم دلالة على سرعة انفعالهم وكثرة تقلبهم بالجار، فقال: {من قبل أن ينزل}.

{لمبلسين} أي ساكتين على ما في أنفسهم تحيراً ويأساً وانقطاعاً، فلم يكن لهم على الإتيان بشيء من ذلك حيلة، ولا لمعبوداتهم صلاحية له باستقلال ولا وسيلة...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والإبلاس: يأس مع انكسار.

{مِنْ قَبْلِه} تكرير لقوله {من قبلِ أن ينزّل عليهم} لتوكيد معنى قبلية نزول المطر وتقريره في نفوس السامعين...