تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (9)

وقوله : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ } أي : الذي عَزّ كلَّ شيء وقهره وغلبه ، { الرحيم } أي : بخلقه ، فلا يعجل على مَنْ عصاه ، بل ينظره ويؤجله ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر .

قال أبو العالية ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، و[ محمد{[21696]} ] بن إسحاق : العزيز في نقمته وانتصاره ممن خالف أمره وعبد غيره .

وقال سعيد بن جبير : الرحيم بِمَنْ تاب إليه وأناب .


[21696]:- زيادة من ف ، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (9)

وقوله : وَإنّ رَبّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرّحِيمُ يقول : وإن ربك يا محمد لهو العزيز في نقمته ، لا يمتنع عليه أحد أراد الانتقام منه . يقول تعالى ذكره : وإني إن أحللت بهؤلاء المكذّبين بك يا محمد ، المعرِضين عما يأتيهم من ذكر من عندي ، عقوبتي بتكذيبهم إياك ، فلن يمنعهم مني مانع ، لأني أنا العزيز الرحيم ، يعني أنه ذو الرحمة بمن تاب من خلقه من كفره ومعصيته ، أن يعاقبه على ما سلف من جُرْمه بعد توبته . وكان ابن جُرَيج يقول في معنى ذلك ، ما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني الحجاج ، عن ابن جُرَيج قال : كلّ شيء في الشعراء من قوله «عَزِيزٌ رَحِيمٌ » فهو ما أهلك ممن مضى من الأمم ، يقول عزيز ، حين انتقم من أعدائه ، رحيم بالمؤمنين ، حين أنجاهم مما أهلك به أعداءه .

قال أبو جعفر : وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك في هذا الموضع ، لأن قوله : وَإنّ رَبّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرّحِيمُ عقيب وعيد الله قوما من أهل الشرك والتكذيب بالبعث ، لم يكونوا أهلكوا ، فيوجه إلى أنه خبر من الله عن فعله بهم وإهلاكه . ولعلّ ابن جُرَيج بقوله هذا أراد ما كان من ذلك عقيب خبر الله عن إهلاكه من أهلك من الأمم ، وذلك إن شاء الله إذا كان عقيب خبرهم كذلك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (9)

{ وإن ربك لهو العزيز } الغالب القادر على الانتقام من الكفرة . { الرحيم } حيث أمهلهم أو العزيز في انتقامه ممن كفر الرحيم لمن تاب وآمن .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (9)

وجملة : { وإن ربك لهو العزيز الرحيم } تذييل لهذا الخبر : بوصف الله بالعزة ، أي تمام القدرة فتعلمون أنه لو شاء لعجّل لهم العقاب ، وبوصف الرحمة إيماء إلى أن في إمهالهم رحمة بهم لعلهم يشكرون ، ورحيم بك . قال تعالى : { وربُّك الغفور ذو الرحمة لو يُؤاخذهم بما كسبوا لعجَّل لهم العذاب } [ الكهف : 58 ] . وفي وصف الرحمة إيماء إلى أنه يرحم رسله بتأييده ونصره .

واعلم أن هذا الاستدلال لما كان عقلياً اقتصر عليه ولم يكرر بغيره من نوع الأدلة العقلية كما كررت الدلائل الحاصلة من العبرة بأحوال الأمم من قوله : { وإذ نادى ربُّك موسى } [ الشعراء : 10 ] إلى آخر قصة أصحاب لَيْكة .