يقول تعالى مخبرًا عن المشركين والكفار والملحدين أنهم يزعمون أنهم لا يبعثون : { قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ } أي : لتُخْبَرُنَّ بجميع أعمالكم ، جليلها وحقيرها ، صغيرها وكبيرها ، { وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } أي : بعثكم ومجازاتكم .
وهذه هي الآية الثالثة التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه ، عز وجل ، على وقوع المعاد ووجوده فالأولى في سورة يونس : { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } [ يونس : 53 ] والثانية في سورة سبأ : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } الآية [ سبأ : 3 ]
والثالثة هي هذه [ { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } ] {[28919]}
القول في تأويل قوله تعالى : { زَعَمَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَن لّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىَ وَرَبّي لَتُبْعَثُنّ ثُمّ لَتُنَبّؤُنّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ } .
يقول تعالى ذكره : زعم الذين كفروا بالله أن لن يبعثهم الله إليه من قبورهم بعد مماتهم . وكان ابن عمر يقول : زعم كنية الكذب .
حدثني بذلك محمد بن نافع البصريّ ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن بعض أصحابه عن ابن عمر .
وقوله : قُلْ بَلى ورَبّي لَتُبْعَثُنّ يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد : بلى وربي لتبعثن من قبوركم ثُمّ لَتُنَبّونّ بِمَا عَمِلْتُمْ يقول : ثم لتخبرنّ بأعمالكم التي عملتموها في الدنيا ، وذَلكَ على اللّهِ يَسِيرٌ يقول : وبعثكم من قبوركم بعد مماتكم على الله سهل هين .
وقوله تعالى : { زعم الذين كفروا } يريد قريشاً ثم هي بعد تعم كل كافر بالبعث ، وقال عبد الله بن عمر : الزعم : كنية الكذب ، وقال عليه السلام : ( بئس مطية الرجل زعموا ){[11138]} ، ولا توجد «زعم » مستعملة في فصيح من الكلام إلا عبارة عن الكذب ، أو قول انفرد به قائله فيريد ناقله أن يبقي عهدته على الزاعم ، ففي ذلك ما ينحو إلى تضعيف الزعم ، وقول سيبويه : زعم الخليل إنما يجيء فيما انفرد الخليل به ، ثم أمره تعالى أن يجيب نفيهم بما يقتضي الرد عليه إيجاب البعث وأن يؤكد ذلك بالقسم ، ثم توعدهم تعالى في آخر الآية بأنهم يخبرون بأعمالهم على جهة التوقيف والتوبيخ ، المؤدي إلى العقاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.