تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (68)

ثم قال تعالى : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } يقول تعالى : أحق الناس بمتابعة إبراهيم الخليل الذين اتبعوه على دينه ، وهذا النبي - يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا من أصحابه المهاجرين والأنصار ومَنْ بعدهم .

قال سعيد بن منصور : أخبرنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضُّحَى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلاةً مِنَ النَّبِيِّينَ ، وإنَّ وَليِّي مِنْهُمْ أبي وخَلِيلُ رَبِّي عز وجل " . ثم قرأ : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ [ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ]{[5161]} } .

وقد رواه الترمذي والبزار من حديث أبي أحمد الزُّبيري ، عن سفيان الثوري ، عن أبيه ، به{[5162]} ثم قال البزار : ورواه غير{[5163]} أبي أحمد ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله ، ولم يذكر{[5164]} مسروقا . وكذا رواه الترمذي من طريق وَكِيع ، عن سفيان ، ثم قال : وهذا أصح{[5165]} لكن رواه وكيع في تفسيره فقال : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكره .

وقوله : { وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } أي : ولي جميع المؤمنين برسله .


[5161]:زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
[5162]:سعيد بن منصور في السنن برقم (501) والترمذي في السنن برقم (2995) وقد خولف أبو أحمد الزبيري وأبو الأحوص في رواية هذا الحديث، فرواه ابن مهدي ويحيى القطان وأبو نعيم، فلم يذكروا فيه مسروق.قال ابن أبي حاتم في العلل (2/63): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أبو أحمد الزبيري وروح بن عبادة فذكره، فقالا جميعا: "هذا خطأ رواه المتقنون من أصحاب الثوري عن الثوري عن أبيه عن أبي الضحى عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا مسروق".
[5163]:في ر: "عن".
[5164]:في و، أ: "عن عبد الله يعني ولم يذكر".
[5165]:سنن الترمذي برقم (4081).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (68)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ إِنّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلّذِينَ اتّبَعُوهُ وَهََذَا النّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيّ الْمُؤْمِنِينَ }

يعني جلّ ثناؤه بقوله : { إنّ أوْلَى النّاسِ بإبْرَاهِيمَ } إن أحقّ الناس بإبراهيم ونصرته وولايته ، { للّذِينَ اتّبَعُوهُ } يعني الذين سلكوا طريقه ومنهاجه ، فوحدوا الله مخلصين له الدين ، وسنوا سننه ، وشرعوا شرائعه وكانوا لله حنفاء مسلمين غير مشركين به . { وَهَذَا النّبِيّ } يعني محمدا صلى الله عليه وسلم . { والذينَ آمَنُوا } يعني والذين صدّقوا محمدا ، وبما جاءهم به من عند الله . { وَاللّهُ وَلِيّ المُؤْمِنِينَ } يقول : والله ناصر المؤمنين بمحمد المصدقين له في نبوّته ، وفيما جاءهم به من عنده على من خالفهم من أهل الملل والأديان .

وبمثل الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل : ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنّ أوْلَى النّاسِ بإبْرَاهِيمَ للّذِينَ اتّبَعُوهُ } يقول : الذين اتبعوه على ملته وسنته ومنهاجه وفطرته ، { وَهَذَا النّبيّ } وهو نبيّ الله محمد . { وَالّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ } وهم المؤمنون الذين صدّقوا نبيّ الله واتبعوه ، كان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه من المؤمنين أولى الناس بإبراهيم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، مثله .

حدثنا محمد بن المثنى وجابر بن الكردي والحسن بن أبي يحيى المقدسي ، قالوا : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ لِكُلّ نَبِيّ وُلاةً مِنَ النّبِيّينَ ، وَإنّ وَلِيّي مِنْهُمْ أبي وَخَلِيلُ رَبّي » ، ثم قرأ : { إنّ أوْلَى النّاسِ بإبْرَاهِيمَ لَلّذِينَ اتّبَعُوهُ وَهذَا النّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُوا وَاللّهُ وَليّ المؤْمِنِينَ } .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله ، أراه قال عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ ، عن ابن عباس : يقول الله سبحانه : { إنّ أوْلَى النّاسِ بإبْرَاهِيمَ لَلّذِينَ اتّبَعُوهُ } وهم المؤمنون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (68)

{ إن أولى الناس بإبراهيم } إن أخصهم به وأقربهم منه . من الولي وهو القرب . { للذين اتبعوه } من أمته . { وهذا النبي والذين آمنوا } لموافقتهم له في أكثر ما شرع لهم على الأصالة . وقرئ والنبي بالنصب عطفا على الهاء في اتبعوه ، وبالجر عطفا على إبراهيم . { والله ولي المؤمنين } ينصرهم ويجازيهم الحسنى لإيمانهم .