تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (29)

ولما كان القرآن يرشد إلى المقاصد الصحيحة والمآخذ العقلية الصريحة ، قال : { كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ } أي : ذوو العقول وهي الألباب ، جمع لب ، وهو العقل .

قال الحسن البصري : والله ما تَدَبُّره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده ، حتى إن أحدهم ليقول : قرأت القرآن كله ما يرى له القرآنُ في خلق ولا عمل . رواه ابن أبي حاتم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (29)

وقوله : ( كِتابٌ أنْزَلْناهُ إلَيْكَ ) : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وهذا القرآن كِتَابٌ أنْزَلْناهُ إلَيْكَ يا محمد مُبَارَكٌ . ( لِيَدّبّرُوا آياتِهِ ) : يقول : ليتدبّروا حُجَج الله التي فيه ، وما شرع فيه من شرائعه ، فيتعظوا ويعملوا به .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة القرّاء : لِيَدّبّرُوا بالياء ، يعني : ليتدبّر هذا القرآن من أرسلناك إليه من قومك يا محمد . وقرأه أبو جعفر وعاصم «لِتَدّبّرُوا آياتِهِ » بالتاء ، بمعنى : لتتدبره أنت يا محمد وأتباعك .

وأولى القراءتين عندنا بالصواب في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب وَليَتَذَكّرَ أُولُو الأَلْبَابِ يقول : وليعتبر أولو العقول والحِجَا ما في هذا الكتاب من الاَيات ، فيرتدعوا عما هم عليه مقيمين من الضلالة ، وينتهوا إلى ما دلهم عليه من الرشاد وسبيل الصواب . وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( أُولُوا الأَلْبابِ ) : قال أهل التأويل : ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ أُولُوا الأَلْباب قال : أولو العقول من الناس .

وقد بيّنا ذلك فيما مضى قبل بشواهده ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .