محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (29)

ولما كان القرآن يرشد إلى المقاصد الصحيحة والمآخذ العقلية الصريحة ، قال تعالى : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } . قال المهايميّ : أي لينظروا في ألفاظه وترتبيها ولوازمها . فيستخرجوا منها علوما بطريق الاستدلال . وقال الزمخشري : تدبر الآيات : التفكر فيها والتأمل الذي يؤدي إلى معرفة ما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة والمعاني الحسنة . لأن من اقتنع بظاهر المتلوّ لم يحل منه بكثير طائل ، وكان مثله كمثل من له لقحة درور لا يحلبها ، ومهرة نثور لا يستولدها . وعن الحسن : ( قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله . حفظوا حروفه وضيعوا حدوده . حتى إن أحدهم ليقول : والله  ! لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفا ، وقد ، والله  ! أسقطه كله . ما يرى للقرآن عليه أثر في خلق ولا عمل ، والله  ! ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده . والله  ! ما هؤلاء بالحكماء ولا الوزعة . لا كثّر الله في الناس مثل هؤلاء ) . اللهم اجعلنا من العلماء المتدبرين ، وأعذنا من القراء المتكبرين .