البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (29)

ولما انتفت التسوية ، بين ما تصلح به لمتبعه السعادة الأبدية ، وهو كتاب الله تعالى ، فقال : { كتاب أنزلناه } ، وارتفاعه على إضمار متبدأ ، أي هذا كتاب .

وقرأ الجمهور : { مبارك } ، على الصفة .

وقرىء : مباركاً ، على الحال اللازمة ، أي هذا كتاب .

وقرأ الجمهور : { ليدبروا آياته } ، بياء الغيبة وشد الدال ، وأصله ليتدبروا .

وقرأ عليّ بهذا الأصل .

وقرأ أبو جعفر : بتاء الخطاب وتخفيف الدال ؛ وجاء كذلك عن عاصم والكسائي بخلاف عنهما ، والأصل : لتتدبروا بتاءين ، فحذفت إحداهما على الخلاف الذي فيها ، أهي تاء المضارعة أم التاء التي تليها ؟ واللام في ليدبروا لام كي ، وأسند التدبر في الجميع ، وهو التفكر في الآيات ، والتأمل الذي يفضي بصاحبه إلى النظر في عواقب الأشياء .

وأسند التذكر إلى أولي العقول ، لأن ذا العقل فيه ما يهديه إلى الحق وهو عقله ، فلا يحتاج إلا إلى ما يذكره فيتذكر ، والمخصوص بالمدح محذوف ،