وحين ذكر هذه المعاني اللطيفة والقواعد الشريفة منّ على رسوله بقوله { كتاب } أي هذا كتاب { أنزلناه إليك مبارك } كثير المنافع والفوائد { ليدّبروا آياته } ليتأملوا فيها ويستنبطوا الأسرار والحقائق منها فمن حفظ حروفه وضيع حدوده كان مثله كمثل معلق اللؤلؤ والجواهر على الخنازير .
قال الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله : يقال في وجه النظم إن العقلاء قالوا : من ابتلى بخصم جاهل مصر متعصب وجب عليه أن يقطع الكلام معه ويخوض في كلام آخر أجنبي حتى إذا اشتغل خاطره بالكلام الأجنبي أدرج في أثنائه مقدمة مناسبة للمطلوب الأول ، فإن ذلك المتعصب قد يسلم هذه المقدمة فإذا سلمها فحينئذ يتمسك بها في إثبات المطلوب الأول فيصير الخصم ساكتاً مفحماً . وإذ قد عرفت هذا فنقول : إن الكفار قد بلغوا في إنكار الحشر حيث قالوا على سبيل الاستهزاء { ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب } فقال تعالى : يا { محمد اصبر على ما يقولون } واقطع الكلام معهم في هذه المسألة واشرع في كلام آخر أجنبي في الظاهر وهو قصة داود إلى قوله { إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق } فكل من سمع هذا قال : نعم ما فعل حيث أمره بالحكم الحق كأنه قال : أيها المكلف إني لا آمرك مع أني رب العالمين إلا بالحق فههنا الخصم يقول : نعم ما فعل حيث لم يقض إلا بالحق ، فعند هذا يلتزم صحة القول بالحشر وإلاّ لزم التسوية بين من أصلح واتقى ومن افسد وفجر وذلك ضدّ الحكمة . وحين ذكر هذه الطريقة الدقيقة في إلزام المنكرين وإفحامهم وصف القرآن بالبركة والإفادة والإرشاد ، لأن هذه اللطائف لا تستفاد إلا منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.