تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

وقوله : { لَعَنَهُ اللَّهُ } أي : طرده وأبعده من رحمته ، وأخرجه من جواره .

وقال : { لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } أي : مُعَيَّنا مقدَّرًا معلومًا . قال مقاتل بن حيان : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون{[8344]} إلى النار ، وواحد إلى الجنة .


[8344]:في ر: "وتسعين".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ لّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لأتّخِذَنّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مّفْرُوضاً } . .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : { لَعَنَهُ اللّهُ } : أخزاه وأقصاه وأبعده . ومعنى الكلام : وإن يدعون إلا شيطانا مريدا قد لعنه الله وأبعده من كل خير . وقال : { لاَءَتّخِذَنّ } يعني بذلك أن الشيطان المريد قال لربه إذ لعنه : { لأَتّخِذَنّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيبا مَفْرُوضا } يعني بالمفروض : المعلوم¹ كما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن جويبر ، عن الضحاك : { نَصِيبا مَفْرُوضا } قال : معلوما .

فإن قال قائل : وكيف يتخذ الشيطان من عباد الله نصيبا مفروضا ؟ قيل : يتخذ منهم ذلك النصيب باغوائه إياهم عن قصد السبيل ، ودعائه إياهم إلى طاعته ، وتزيينه لهم الضلال والكفر ، حتى يزيلهم عن منهج الطريق¹ فمن أجاب دعاءه واتبع ما زينه له ، فهو من نصيبه المعلوم وحظه المقسوم . وإنما أخبر جلّ ثناؤه في هذه الاَية بما أخبر به عن الشيطان من قيله : { لاَءَتّخِذَنّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيبا مَفْرُوضا } ليعلم الذين شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى أنهم من نصيب الشيطان الذي لعنه الله المفروض ، وأنه ممن صدق عليهم ظنه . وقد دللنا على معنى اللعنة فيما مضى ، فكرهنا إعادته .