فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

{ لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ( 118 ) ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ( 119 ) }

{ لعنه الله } قيل مستأنفة وقيل دعاء عليه ، أصل اللعن الطرد والإبعاد ، وقد تقدم تفسيره وهو في العرف إبعاد مقترن بسخط { وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا } معطوف على قوله لعنه الله والجملتان صفة لشيطان أي شيطانا مريدا جامعا بين لعنة الله له وبين هذا القول الشنيع ، أو حال على إضمار قد أي وقد قال ، أو استئناف ، ولأتخذن جواب قسم محذوف ، والنصيب المفروض هو المقطوع المقدر أي لأجعلن قطعة مقدرة من عباد الله تحت غوايتي وفي جانب إضلالي حتى أخرجهم من عبادة الله إلى الكفر به .

عن مقاتل ابن حيان قال هذا إبليس يقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد في الجنة ، وعن الربيع ابن أنس مثله .

قلت : وهذا صحيح معنى ويعضد ، قوله تعالى لآدم يوم القيامة أخرج من ذريتك بعث النار فيقول يا رب وما بعث النار ؟ فيقول الله تعالى أخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فعند ذلك تشيب الأطفال من شدة الهول ، أخرجه مسلم .

فنصيب الشيطان هو بعث النار ، والمعنى لأتخذن منهم حظا مقدرا معلوما فكل ما أطيع فيه إبليس فهو نصيبه ومفروضه ، وأصل الفرض القطع ، وهذا النصيب هم الذين يتبعون خطواته ويقبلون وساوسه .