قوله : " لَعَنَهُ الله " فيه وجهان :
أظهرهما : أنَّ الجُمْلَة صِفَةٌ ل " شيطاناً " ، فهي في مَحَلِّ نَصْب .
والثاني : أنها مُسْتأنفةٌ : إمَّا إخْبَار بذلك ، وإمَّا دُعَاء عليه ، وقوله : " وقال " فيه ثلاثة أوجه :
قال الزَّمَخْشَرِيُّ{[9754]} : قوله لَعَنَهُ " وقال لأتَّخِذَنَّ " صِفَتَان ، يعني : شيطاناً مَرِيداً جَامِعاً بين لَعْنَة اللَّه ، وهذا القَوْل الشَّنِيعِ .
الثاني : الحالُ على إضْمَار " قد " أيْ : وقد قَالَ .
الثالث : الاستئناف . و " لأتخِذَنَّ " جوابُ قسمٍ مَحْذُوف ، و " مِنْ عبادك " يجوزُ أن يتعلَّق بالفعل قبله ، أو بمحذوفٍ على أنَّه حَالٌ من " نَصِيباً " ؛ لأنه في الأصْلِ صِفَةُ نكرةٍ قُدِّم عليها .
النَّصِيب المَفْرُوض : أي : حظاً مَعْلُوماً{[9755]} ، وهم الذين يَتَّبِعُون خُطُواته ، والفَرْضُ في اللغة ، التَّأثِير ، ومنه : فرض القَوْس للجُزْء الذي يُشَدُّ فيه الوَتَر ، والفريضة : ما فَرَضَهُ اللَّه على عِبَادِهِ حَتْماً عليهم .
رُوِي عنه النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : " من كُلِّ ألْفٍ واحدٌ للَّه ، والبَاقِي للشَّيْطَان " .
فإن قيل : العَقْل والنَّقْل يدلاَّن على أنَّ حِزْب اللَّه أقلُّ من حِزْب الشَّيطان .
أما النَّقْل : فقوله - تعالى - : { فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } [ البقرة : 249 ] ، وحُكِيَ عن الشيطان قوله { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء : 62 ] ، وقوله : { وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } [ الحجر : 39 ، 40 ] ، ولا شك أن المُخْلَصِين قليلُون .
وأمَّا العَقْل : فهو أنّ الفُسَّاق والكُفَّار كُلَّهم حِزْب إبليس . إذا ثَبَت هذا ، فلفظ النَّصِيب إنَّما يتناول القِسْم الأوّل .
فالجواب : أنَّ هذا التَّفَاوُت إنَّما يَحْصُل في نَوْعٍ من البَشَر ، أمَّا إذا ضَمَمت زُمْرَة الملائِكَة مع غَاية كَثْرَتِهِم إلى المُؤمنين ، كانت الغَلَبَة للمُؤمِنِين .
وأيضاً : فالمُؤمِنُون وإن كانُوا قَلِيلين في العَدَدِ ، إلاَّ أن مَنْصِبَهُم عَظِيم عند الله ، والكُفَّار ، والفُسَّاق وإن كانُوا أكْثَر في العددِ ، فهم كالعَدَم ؛ فلهذا وقع اسم النَّصِيب على قَوْم إبْلِيس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.