إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

{ لَعَنَهُ الله } صفةٌ ثانيةٌ لشيطاناً { وَقَالَ لاَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً } عطفٌ على الجملة المتقدمةِ أي شيطاناً مريداً جامعاً بين لعنةِ الله وهذا القولِ الشنيعِ الصادرِ عنه عند اللعنِ ولقد برهن على أن عبادةَ الأصنام غايةُ الضلال بطريق التعليلِ بأن ما يعبدونها ينفعل ولا يفعل فعلاً اختيارياً وذلك ينافي الألوهيةَ غايةَ المنافاةِ ثم استُدل عليه بأن ذلك عبادةٌ للشيطان وهو أفظعُ الضلالِ من وجوه ثلاثةٍ : الأولُ منهمكٌ في الغي لا يكاد يعلَق بشيء من الخير والهدى فتكون طاعتُه ضلالاً بعيداً عن الحق ، والثاني أنه ملعونٌ لضلاله فلا تستتبعُ مطاوعتُه سوى اللعنِ والضلالِ ، والثالثُ أنه في غاية السعي في إهلاكهم وإضلالِهم ، فموالاةُ مَنْ هذا شأنُه غايةُ الضلالِ فضلاً عن عبادته ، والمفروضُ : المقطوعُ أي نصيباً قُدّر لي وفُرض ، من قولهم : فرَضَ له في العطاء .