البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

{ وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً } أي نصيباً واجباً اقتطعته لنفسي من قولهم : فرض له في العطاء ، وفرض الجند رزقهم .

والمعنى : لأستخلصنهم لغوايتي ، ولأخصنهم بإضلالي ، وهم الكفرة والعصاة .

قال ابن عطية : المفروض هنا معناه المنحاز ، وهو مأخوذ من الفرض ، وهو الحز في العود وغيره ، ويحتمل أن يريد واجباً أن اتخذه ، وبعث النار هو نصيب إبليس .

قال الحسن : من كل ألف تسعمائة وتسعون قالوا : ولفظ نصيب يتناول القليل فقط .

والنص إنّ أتباع إبليس هم الكثير بدليل : { لأحتنكن ذريته إلا قليلاً } { فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين } وهذا متعارض .

وأجيب أن التفاوت إنما يحصل في نوع البشر ، أما إذا ضممت أنواع الملائكة مع كثرتهم إلى المؤمنين كانت الكثرة للمؤمنين .

وأيضاً فالمؤمنون وإن كانوا قليلين في العدد ، نصيبهم عظيم عند الله تعالى .

والكفار والفساق وإن كانوا كثيرين فهم كالعدم .

انتهى تلخيص ما أحب به .

والذي أقول : إنّ لفظ نصيب لا يدل على القليل والكثير ، بدليل قوله : { للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } الآية .

والواو : قيل عاطفة ، وقيل واو الحال .

/خ126