الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

قوله تعالى : " لعنه الله " أصل اللعن الإبعاد ، وقد تقدم{[4941]} . وهو في العرف إبعاد مقترن بسخط وغضب ، فلعنة الله على{[4942]} إبليس - عليه لعنة الله - على التعيين جائزة ، وكذلك سائر{[4943]} الكفرة الموتى كفرعون وهامان وأبي جهل ، فأما الأحياء فقد مضى الكلام فيه في " البقرة " {[4944]} .

قوله تعالى : " وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا " أي وقال الشيطان ، والمعنى : لاستخلصنهم بغوايتي وأضلنهم بإضلالي ، وهم الكفرة والعصاة . وفي الخبر ( من كل ألف واحد لله والباقي للشيطان ) . قلت : وهذا صحيح معنى ، يعضده قوله تعالى لآدم يوم القيامة : ( ابعث بعث النار فيقول : وما بعث النار ؟ فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ) . أخرجه مسلم . وبعث النار هو نصيب الشيطان والله أعلم وقيل : من النصيب طاعتهم إياه في أشياء منها أنهم كانوا يضربون للمولود مسمارا عند ولادته ، ودورانهم به يوم أسبوعه ، يقولون : ليعرفه العمَّار{[4945]} .


[4941]:راجع ج 2 ص 25.
[4942]:من ط.
[4943]:من ج و ط.
[4944]:راجع ج 2 ص 188.
[4945]:عمار البيوت: سكانها من الجن. وفي ابن عطية: المفروض معناه في هذا الموضع: المنحاز، من الفرض وهو الحز في العود وغيره.