يذكر تعالى أنه فرقهم في الأرض أمما ، أي : طوائف وفرقًا ، كما قال [ تعالى ]{[12287]} { وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } [ الأسراء : 104 ]
{ مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ } أي : فيهم الصالح وغير ذلك ، كما قالت الجن : { وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا } [ الجن : 11 ] ، { وَبَلَوْنَاهُمْ } أي : اختبرناهم { بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ } أي : بالرخاء والشدة ، والرغبة والرهبة ، والعافية والبلاء ، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَطّعْنَاهُمْ فِي الأرْضِ أُمَماً مّنْهُمُ الصّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسّيّئَاتِ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ } . .
يقول تعالى ذكره : وفرّقنا بني إسرائيل في الأرض أمما ، يعني جماعات شتى متفرّقين . كما :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، عن يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن حبير ، عن ابن عباس : وَقَطّعناهُمْ فِي الأرْضِ أُمَما قال : في كلّ أرض يدخلها قوم من اليهود .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَقَطّعناهُمْ فِي الأرْضِ أُمَما قال : يهود .
وقوله : مِنْهُمُ الصّالِحُونَ يقول : من هؤلاء القوم الذين وصفهم الله من بني إسرائيل الصالحون ، يعني : من يؤمن بالله ورسله . وَمِنْهُمْ دُونَ ذلكَ يعني : دون الصالح . وإنما وصفهم الله جلّ ثناؤه بأنهم كانوا كذلك قبل ارتدادهم عن دينهم وقبل كفرهم بربهم ، وذلك قبل أن يُبعث فيهم عيسى ابن مريم صلوات الله عليه .
وقوله : وَبَلَوْناهُمْ بالحَسَناتِ وَالسّيّئاتِ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ يقول : واختبرناهم بالرخاء في العيش ، والخفض في الدنيا ، والدعة والسعة في الرزق ، وهي الحسنات التي ذكرها جلّ ثناؤه . ويعني بالسيئات : الشدّة في العيش ، والشظف فيه ، والمصائب والرزايا في الأموال . لَعلّهُمْ يَرْجِعُونَ يقول : ليرجعوا إلى طاعة ربهم ، وينيبوا إليها ، ويتوبوا من معاصيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.