تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{قَالَ فِرۡعَوۡنُ وَمَا رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (23)

يقول تعالى مخبرًا عن كفر فرعون ، وتمرده وطغيانه وجحوده ، في قوله : { وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ } ؟ وذلك أنه كان يقول لقومه : { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي } [ القصص : 38 ] ، { فَاسْتَخَفَّ{[21703]} قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ } [ الزخرف : 54 ] ، وكانوا يجحدون الصانع - تعالى - ويعتقدون أنه لا رب لهم سوى فرعون ، فلما قال له موسى : { إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الزخرف : 46 ] ، قال له : ومَنْ هذا الذي تزعم أنه رب العالمين غيري ؟ هكذا فسره علماء السلف وأئمة الخلف ، حتى قال السدي : هذه الآية كقوله تعالى : { قَالَ فَمَنْ{[21704]} رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [ طه : 49 ، 50 ] .

ومن زعم من أهل المنطق وغيرهم ؛ أن هذا سؤال عن الماهية ، فقد غلط ؛ فإنه لم يكن مقرًا بالصانع حتى يسأل عن الماهية{[21705]} ، بل كان جاحدًا له بالكلية فيما يظهر ، وإن كانت الحجج والبراهين قد قامت عليه ،


[21703]:- في أ : "واستخف".
[21704]:- في ف ، أ : "ومن" وهو خطأ.
[21705]:- في أ : "ماهيته".