صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

{ كلا } ردع للإنسان الكافر ، الذي قابل تلك النعم الجليلة بالكفر والطغيان . قيل : نزلت هذه الآية إلى آخر السورة في أبي جهل بعد زمن من نزول ما قبلها . وفي الحديث الصحيح : أن أبا جهل حلف باللات والعزى لئن رأى محمدا [ صلى الله عليه وسلك ] يصلي ليطأن على رقبته وليعفرن وجهه . فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليفعل ؛ فما فاجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتقي بيديه . فقيل له : مالك ؟ فقال : إن بيني وبينه لخندقا من نار ! وهولا وأجنحة ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو دنا مني لاحتطفته الملائكة عضوا عضوا ) فأنزل الله هذه الآية إلى آخر السورة . وقيل : " كلا " بمعنى ألا الاستفهامية . { إن الإنسان ليطغى . . . } أي ليجاوز الحد ، ويستكبر على ربه ، ويكفر به ! من أجل رؤية نفسه ذا غنى وثراء ، وقوة وقدرة !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

بعد أن بيّن لنا الله تعالى طريقَ الهدى والخير أخبر عن سبب بطَرِ الإنسان وطغيانه فقال :

{ كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى أَن رَّآهُ استغنى إِنَّ إلى رَبِّكَ الرجعى } .

حقاً إن الإنسان لَيتجاوز الحد في الطغيان ، ويستكبر ويتجبرُ .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

قوله تعالى : " كلا إن الإنسان ليطغى " قيل : إنه نزل في أبي جهل . وقيل : نزلت السورة كلها في أبي جهل ، نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الصلاة ، فأمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن يصلي في المسجد ويقرأ باسم الرب . وعلى هذا فليست السورة من أوائل ما نزل . ويجوز أن يكون خمس آيات من أولها أول ما نزلت ، ثم نزلت البقية في شأن أبي جهل ، وأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بضم ذلك إلى أول السورة ؛ لأن تأليف السور جرى بأمر من اللّه . ألا ترى أن قوله تعالى : " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله " {[16213]} [ البقرة : 281 ] آخر ما نزل ، ثم هو مضموم إلى ما نزل قبله بزمان طويل . و " كلا " بمعنى حقا ؛ إذ ليس قبله شيء . والإنسان هنا أبو جهل . والطغيان : مجاوزة الحد في العصيان .


[16213]:آية 281 سورة البقرة.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

{ كلا إن الإنسان ليطغى } نزل هذا وما بعده إلى آخر السورة في أبي جهل بعد نزول صدرها بمدة ، وذلك أنه كان يطغى بكثرة ماله ، ويبالغ في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم ، و " كلا " هنا يحتمل أن تكون زجرا لأبي جهل ، أو بمعنى حقا أو استفتاحا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

ولما كان الدم أكثر الأخلاط وأشدها هيجاناً ، فإن مرضه لا يشبهه شيء من أمراض بقية الأخلاط ، وكان مع ذلك سريع البرء إن أصيب علاجه وعولج بأمر قاهر أقوى منه ، وكان العلم قرين الغنى في الأغلب ، وكان زلة العالم تفوق زلة غيره ، قال معرفاً بعد التعريف بالإلهيات بأمر النفس مبيناً لقسم الإنسان المردود أسفل سافلين مقرراً لحاله ، ورادعاً له عن ضلاله : { كلا } أي ارتدع أيها العالم عن الطغيان إن نلت الغنى حقاً { إن الإنسان } أي هذا النوع الذي هو نوعك ومن شأنه الأنس بنفسه والنظر في عطفه { ليطغى * } أي من شأنه - إلا من عصمه الله سبحانه - أن يزيد على الحد الذي لا ينبغي له مجاوزته كما يزيد الخلط الدموي .