نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

ولما كان الدم أكثر الأخلاط وأشدها هيجاناً ، فإن مرضه لا يشبهه شيء من أمراض بقية الأخلاط ، وكان مع ذلك سريع البرء إن أصيب علاجه وعولج بأمر قاهر أقوى منه ، وكان العلم قرين الغنى في الأغلب ، وكان زلة العالم تفوق زلة غيره ، قال معرفاً بعد التعريف بالإلهيات بأمر النفس مبيناً لقسم الإنسان المردود أسفل سافلين مقرراً لحاله ، ورادعاً له عن ضلاله : { كلا } أي ارتدع أيها العالم عن الطغيان إن نلت الغنى حقاً { إن الإنسان } أي هذا النوع الذي هو نوعك ومن شأنه الأنس بنفسه والنظر في عطفه { ليطغى * } أي من شأنه - إلا من عصمه الله سبحانه - أن يزيد على الحد الذي لا ينبغي له مجاوزته كما يزيد الخلط الدموي .