اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

قوله : { كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى } . إلى آخر السورة .

قيل : إنه نزل في أبي جهل ، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة ، فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي في المسجدِ ، ويقرأ باسم الربِّ - تبارك وتعالى - وعلى هذا فليست السورة من أول ما نزل ، ويجوز أن يكون خمس آياتٍ من أولها أول ما نزل ، ثم نزل البقية في شأن أبي جهل ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بضم ذلك إلى أول السورة ؛ لأن تأليف السور إنما كان بأمر الله تعالى ، ألا ترى أنَّ قوله تعالى : { واتقوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله } [ البقرة : 281 ] آخر ما نزل ثم هو مضموم إلى ما نزل قبله بزمان طويل .

و «كلاَّ » بمعنى حقاً .

قال الجرجانيُّ : لأن ليس قبله ولا بعده شيء يكون «كلاَّ » ردًّا له ، كما قالوا في { كَلاَّ والقمر } [ المدثر : 32 ] فإنهم قالوا : معناه : أي والقمر ؛ لأنه ردع وزجر لمن كفر بنعمة الله بطغيانه ، وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه .

وقال مقاتل : كلاَّ ليعلم الإنسان أن الله تعالى هو الذي خلقه من العلقة ، وعلمه بعد الجهل ؛ لأنه عند صيرورته غنياً يطغى ، ويتكبر ويصير مستغرق القلب في حُبِّ الدنيا ، فلا يفكر في هذه الأحوال ولا يتأمل فيها .