قوله سبحانه { كلا } ذكر بعض العلماء أنه بمعنى حقاً ؛ لأنه ليس قبله ولا بعده شيء يتوجه إليه الردع . وقال صاحب الكشاف : إنه ردع لمن كفر بنعمة الله عليه وطغى ، وهذا معلوم من سياق الكلام وإن لم يذكر .
وقال مقاتل : كلا لا يعلم الإنسان أنه خلق من علقة وصار عالماً بعد أن كان جاهلاً ، وذلك لاستغراقه في حب المال والجاه ، فلا يتأمل في هذه الأحوال .
ومعنى { أن رآه } لأن رأى نفسه فحذف حرف الجر على القياس ، وحذف النفس لخاصيتة فعل القلب وهي جواز الجمع بين ضميري الفاعل والمفعول فيه .
وأكثر المفسرين على أن المراد بالإنسان هاهنا إنسان واحد هو أبو جهل . ومنهم من يقول : خمس آيات من أول هذه السورة نزلت أولاً ، ثم نزل باقيها في أبي جهل بعد ذلك بزمان فضم إليها ، وقيل : نزلت فيه من قوله { أرأيت الذي ينهى } إلى آخر السورة ، والإنسان عام . فإن قيل : لم قال في حق فرعون { إنه طغى } [ النازعات :17 ] وفي حق أبي جهل { ليطغى } قلنا : إنما أخبر بذلك عن فرعون قبل أن يلقاه موسى وقبل أن يعرض عليه الأدلة ، وأما هذه الآية فنزلت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم حين رد أبو جهل عليه أقبح الرد . وأيضاًً إن فرعون مع كامل سلطته ما كان يؤذي موسى إلا بالقول ، وأبو جهل مع قلة جاهه كان يقصد قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وفرعون كان قد أحسن إلى موسى أولاً وقال آخراً { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل } [ يونس :9 ] وأما أبو جهل فكان يحسد النبي صلى الله عليه وسلم في صباه ، وقال في آخر عمره : بلغوا عني محمداً أني أموت ولا أجد أبغض إليّ منه . وأيضاً إنهما وإن كانا رسولين لكن الحبيب في مقابلة الكليم كاليد في مقابلة العين ، والعاقل يصون عينه فوق ما يصون يده ؛ بل يصون عينه باليد ، فلهذا كانت المبالغة هاهنا أكثر . واعلم أن المال ليس سبباً للطغيان على الإطلاق ، ولهذا ذهب جم غفير إلى أن الإنسان في الآية مخصوص ، وكيف لا وإنه لم يزد سليمان عليه السلام إلا تواضعاً وعبودية . روي أنه كان يجالس المساكين ويقول : مسكين جالس مسكيناً . وكان عبد الرحمن بن عوف من كبار الصحابة كثير المال ، وقال صلى الله عليه وسلم " نعم المال الصالح للرجل الصالح " ، ولو أنصف العال وتأمل وجد نفسه في حال الغنى أشد افتقاراً إلى الله ، لأن الفقير لا يتمنى إلا سلامة نفسه ، والغني يتمنى سلامة نفسه وماله وأهله وجاهه :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.