صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡ شَآءَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَا عَبَدۡنَٰهُمۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (20)

{ وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم } احتج المشركون بأن الله تعالى لم يشأ ترك عبادتهم الملائكة ، ولو شاء سبحانه ذلك لتحقق ؛ بل شاء تعالى عبادتها ، وتحققت ، فتكون مأمورا بها أو حسنة ، ويمتنع أن تكون منهيا عنها أو قبيحة . وهي حجة داحضة ؛ فإن المشيئة لا تستلزم الأمر ولا الرضا ،

لأنها ترجيح بعض الممكنات على بعض ، حسنة كانت أو قبيحة ، وهي تابعة للعلم ، والله تعالى قد علم من سوء استعداد الكافر ، وفساد فطرته ، أنه لو خلى ونفسه لاختار الكفار دينا ؛ فأراده منه ؛ وهو لا يقع في ملكه إلا ما يريد ، لكنه لم يأمره به ولا يرضاه منه ، لأنه تعالى لا يأمر بالفحشاء والمنكر ، ولا يرضى لعباده الكفر . وقد بعث الرسل والأنبياء ، وأنزل الشرائع والكتب بالتوحيد والنهي عن الشرك ، وإنذار المشركين ؛ فكيف يأمرهم بما نهاهم عنه ! ومن أين علموا رضاه تعالى عن عبادتهم الملائكة ؟ { ومالهم بذلك من عليم إن هم إلا يخرصون } يكذبون [ آية 116 الأنعام ص 239 ] .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡ شَآءَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَا عَبَدۡنَٰهُمۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (20)

قوله تعالى : " وقالوا لو شاء الرحمن " يعني قال المشركون على طريق الاستهزاء والسخرية : لو شاء الرحمن على زعمكم ما عبدنا هذه الملائكة . وهذا منهم كلمة حق أريد بها باطل . وكل شيء بإرادة الله ، وإرادته تجب وكذا علمه فلا يمكن الاحتجاج بها ، وخلاف المعلوم والمراد مقدور وإن لم يقع . ولو عبدوا الله بدل الأصنام لعلمنا أن الله أراد منهم ما حصل منهم . وقد مضى هذا المعنى في الأنعام عند قوله : " سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا " {[13609]} [ الأنعام : 148 ] وفي " يس " : " أنطعم من لو يشاء الله أطعمه " {[13610]} [ يس : 47 ] . وقوله : " ما لهم بذلك من علم " مردود إلى قوله " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا " [ الزخرف : 19 ] أي ما لهم بقولهم : الملائكة بنات الله - من علم قال قتادة ومقاتل والكلبي . وقال مجاهد وابن جريج : يعني الأوثان ، أي ما لهم بعبادة الأوثان من علم . " من " صلة . " إن هم إلا يخرصون " أي يحدسون ويكذبون ، فلا عذر لهم في عبادة غير الله عز وجل . وكان من ضمن كلامهم أن الله أمرنا بهذا أو رضي ذلك منا ، ولهذا لم ينهنا ولم يعاجلنا بالعقوبة .


[13609]:راجع ج 7 ص 128. راجع ج 15 ص 37.
[13610]:?????
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡ شَآءَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَا عَبَدۡنَٰهُمۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (20)

{ وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم } الضمير في { قالوا } للكفار ، وفي { عبدناهم } للملائكة ، وقال ابن عطية : للأصنام والأول أظهر وأشهر ، والمعنى احتجاج احتج به الذين عبدوا الملائكة ، وذلك أنهم قالوا : لو أراد الله أن لا نعبدهم ما عبدناهم ، فكونه يمهلنا وينعم علينا : دليل على أنه يرضى عبادتنا لهم ، ثم رد الله عليهم بقوله : { ما لهم بذلك من علم } يعني : أن قولهم بلا دليل وحجة ، وإنما هو تخرص منهم .