الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالُواْ لَوۡ شَآءَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَا عَبَدۡنَٰهُمۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (20)

ثم قال تعالى : { وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم } أي : وقال هؤلاء المشركون{[61341]} : لو شاء الرحمن ، ما عبدنا أوثاننا{[61342]} من دونه ، وإنما لم تحل بنا العقوبة على عبادتنا إياها لرضاه عنا .

قال مجاهد : لو شاء الرحمن ما عبدناهم يعني الأوثان{[61343]} ، والمعنى : هو أمرنا{[61344]} بعبادتها ، دل على ذلك : قوله : { ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون } ، أي : يكذبون . فهذا الرد عليهم لا يحتمل أن يكون رد الظاهر{[61345]} من{[61346]} قولهم : { لو شاء الرحمن ما عبدناهم } لأنه قول صحيح لا يرد ولا ينكر . كما أن قولهم – إذ سُئلُوا عمن{[61347]} خلق السموات والأرض فقالوا خلقهن العزيز العليم لا يرد ولا ينكر .

ثم قال تعالى : { ما لهم بذلك من علم } هذا مردود إلى أول الآية .

والتقدير : { وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا } { مالهم بذلك من علم } ، أي : ما لهم بقولهم الملائكة إناثا من علم ، وقيل : إن ذلك مردود على ما قبله ، والتقدير : وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدنا هذه الأوثان ، ثم قال الله : ما لهم بذلك من علم ، أي : من عذر يقوم لهم في عبادتهم الأوثان لأنهم{[61348]} رأوا أن ذلك عذرهم{[61349]} . فرد الله عز وجل عليهم .

فالمعنى : ما لهم من علم بحقيقة ما يقولون ( من ذلك ){[61350]} ، إنما يقولونه تخرصا واختراعا من عند أنفسهم لأنهم لا خبر عندهم من الله عز وجل أن الله سبحانه شاء عبادتهم الأوثان{[61351]} ، ورضي بذلك منهم .

ثم قال تعالى : { إن هم إلا يخرصون } أي : يخرصون ويكذبون في قولهم : لو شاء الرحمن ما عبدنا هذه الأوثان .


[61341]:(ت): المشركين.
[61342]:(ت): أوناثا.
[61343]:انظر تفسير مجاهد 2/280.
[61344]:(ت): أمرتا.
[61345]:(ح): الظالم.
[61346]:ساقط من (ت).
[61347]:(ح): (من).
[61348]:ساقط من (ح).
[61349]:(ح): عذر لهم.
[61350]:في طرة (ت) وفي (ح) (من داك).
[61351]:(ت): الأوثان.