الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَوۡ تَقُولَ لَوۡ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَىٰنِي لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ} (57)

قال قتادة : هذا قول صنف منهم / ، فقال صنف آخر : { لو أن الله هداني . . {[59140]} } الآية ، وقال صنف آخر : { لو أن لي كرة . . } الآية ، أي : رجعة{[59141]} .

قال ابن عباس : أخبر الله جل ذكره ما العباد قائلون قبل أن يقولوا ، وما هم عاملون قبل أن يعملوا ( فقال { لأنبئك مثل خبير }{[59142]} وقال : { لعادوا لما نهوا عنه ولو ردوا }{[59143]} . وقال : { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يومنوا به أول مرة }{[59144]} .

ومعنى : { لو أن الله هداني } ، أي : وفقني{[59145]} للرشاد .

ثم قال : { بلى قد جاءك آياتي فكذبت بها } دخلت ( هنا ( بلى ) ){[59146]} لأن معنى لو أن الله هداني ( ما هداني{[59147]} ) ودخلت{[59148]} جوابا للنفي حملا على المعنى : ( بلى هداني ){[59149]} .

ومعنى الآية أنها تكذيب من الله جل ذكره للقائل : ( لو أن الله هداني ) ، { لو أن لي كرة }{[59150]} ، فأعلمهم أن كتابه وحججه قد أتاهم فكذبوا واستكبروا عن الإيمان به وكانوا من الكافرين به .

وروت أم سلمة{[59151]} أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : { جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت }{[59152]} بكسر الكاف والتاء{[59153]} على مخاطبة النفس{[59154]} ، وبذلك قرأ الجحدري{[59155]} .

وقرأ الأعمش : ( بلى قد جاءته ) بالهاء{[59156]} .

وقيل : يلزم من كَسَرَ التاء والكاف ( أن يُقْرَأ وكنت ){[59157]} من الكوافر والكافرات{[59158]} . وهذا لا يلزم لأنه يحمل على المعنى .


[59140]:(ح) هداني لكنت.
[59141]:انظر: جامع البيان 24/14، وجامع القرطبي 15/273، والدر المنثور 7/241.
[59142]:فاطر آية 14.
[59143]:الأنعام آية 29.
[59144]:الأنعام آية 111. وانظر: جامع البيان 24/14، وتفسير ابن كثير 4/61.
[59145]:(ح): وفقنا.
[59146]:(ح): بلى هنا وهو متآكل.
[59147]:(ح) ساقط من (ع).
[59148]:(ح): فدخلت.
[59149]:(ح) فالمعنى بل هداك.
[59150]:الزمر آية 55.
[59151]:هي هند بنت سهيل أم سلمة المخزومية، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، روت 378 حديثا، وروى عنها الأسود وابن المسيب والشعبي، توفيت سنة 62 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 3/60، والإصابة 4/458 ت 1309، والتقريب 2/117 ت 2.
[59152]:ساقط من (ح).
[59153]:(ح): والتاء في الآية.
[59154]:انظر: معاني الزجاج 4/360، وجامع البيان 24/15، وجامع القرطبي 15/273. وقال الهيثمي: (وفيه من لم أعرفه) 7/101. أي: في سنده.
[59155]:هو عاصم بن أبي الصباح العجاج الجحدري البصري، أخذ القراءة عرضا عن سليمان بن قتة عن ابن عباس، وقرأ عليه عيسى بن عمر الثقفي. توفي سنة 128 هـ. انظر: غاية النهاية 1/349 ت 1498. وانظر: معاني الفراء 2/423. وقد أضاف الفراء فيه نسبة هذه القراءة إلى وقاء بن إياس ثم قال: (وهو وجه حسن، لأنه ذكر النفس فخاطبها أولا، فأجرى الكلام الثاني على النفس في خطابها). ونسبها ابن عطية في المحرر الوجيز إلى ابن يعمر والجحدري 14/98.
[59156]:انظر: المحرر الوجيز 14/98، وجامع القرطبي 15/273.
[59157]:تكررت كتابتها في (ح).
[59158]:انظر: جامع القرطبي 15/273.