تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَمَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (72)

وقوله تعالى : ( فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ ) التولي اسم لأمرين : اسم للإعراض والإدبار كقوله : ( وإذا تولى سعى في الأرض )[ البقرة : 205 ] واسم للإقبال والقبول أيضا كقوله : ( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا )الآية[ المائدة : 56 ] ونحوه .

فههنا يحتمل [ الأمرين جميعا :

أحدهما ][ في الأصل وم : أمرين جميعا أي ] : ( فإن توليتم ) أي أقبلتم ، وقبلتم ما أعرضه عليكم وأدعوكم إليه ( فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ ) .

والثاني[ في الأصل وم : و ] : إن كان في الإعراض فكأنه يقول : كيف أعرضتم عن قبوله ، ولم أسألكم على ذلك أجرا ، فيكون لكم عذر في الإعراض والرد كقوله ( أم تسألهم أجرا )[ الطور : 40 ] أي لم أسألكم ( أجرا )[ ساقطة من الأصل وم ] على ما أعرضه عليكم وأدعوكم إليه حتى يثقل عليكم ذلك الغرم عن الإجابة .

ففي هذه الآية وغيرها دلالة منع أخذ الأجر على تعليم القرآن والعلم لأنه لو جاز أخذ الأجرة على ذلك لكان لهم عذر [ في الأصل وم : عذرا ] ألا يبذلوا ذلك ، ولا يتعلموا شيئا ما ذلك ، وفي ذلك هدم شرائع الله وإسقاطها والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) أي مسلم النفس إلى الله سالما لا أجعل لأحد سواه حقا ولا حظا ، وأمرت أن أكون من المخلصين لله والخاضعين له . يحتمل ذلك كله .