تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ رُسُلًا إِلَىٰ قَوۡمِهِمۡ فَجَآءُوهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِۦ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ نَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡمُعۡتَدِينَ} (74)

وقوله تعالى : ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً ) أي من بعد نوح ( رسلا إلى قومهم ) أي بعثنا إلى كل قوم رسولا [ أي إنه بعث الرسل إلى أقوامهم واحدا ][ في الأصل وم : إلا أنه بعث الرسول إلى قومهم ولكن واحدا ، في م : إلا أنه بعث الرسل إلى قومهم ولكن واحد ] على إثر واحد ( فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) تحتمل البينات الحجج والبراهين التي أقاموها على ما ادعوا على[ في الأصل وم : من ] الرسالة والنبوة ، وتحتمل البينات بيان ما عليهم أن يأتوا ويتقوا ، وتحتمل البينات [ ما أخبروا ، وأنبؤوا قومهم ][ في الأصل : بما أخبروا وأبناؤهم معهم ، في م : بما أخبرهم وأنباوا قومهم ] بالعذاب أنه نازل بهم في الدنيا .

وقوله تعالى : ( فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ) قال بعضهم : ما كان كفرا مكة ليؤمنوا وليصدقوا بالبينات كما لم يصدق بها[ في الأصل وم : به ] أوائلهم ، وقال بعضهم : ( بما كذبوا به من قبل ) بعث الرسل . ففيه دلالة أهل الفترة يؤاخذون بالتكذيب في حال الفَتْرَةِ .

ويحتمل قوله : ( بما كذبوا به من قبل ) إتيان البينات ؛ أي ما كانوا يؤمنون بعدما جاؤوهم[ في الأصل وم : جاؤوا ] بالبينات بما كذبوا به من قبل مجيء البينات .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ) أي هكذا نطبع على قلوب أهل مكة كما طبع على قلوب أوائلهم ؛ علم أنهم لا يقبلون الآيات ، ولا يؤمنون بها . والاعتداء هو الظلم مع العناد والمجاوزة عن الحد الذي جعل .

وقوله تعالى : ( فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا /233- أ/ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ) هو يخرج على وجهين :

أحدهما : ( فما كانوا ليؤمنوا ) بالبينات إذا جاءتهم البينات على السؤال . وهكذا عادتهم أنهم لا يؤمنون بالآيات إذا أتتهم[ في الأصل وم : أتاهم ] على السؤال .

والثاني : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به ) على علم منهم أنها آيات وأنه رسول ، والله أعلم .