الآية 39 : وقوله تعالى : { قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين } قال الحسن : { رب بما أغويتني } أي لعنتني ، وهذا منه احتيال وفرار عن مذهب الاعتزال وما يلزمهم في قوله : { أغويتني } يلزم في قوله : لعنتني ، لأن اللعن هو الطرد ، فإذا طرده عن رحمته فقد خذله في الطرد . والإغواء والإضلال سواء ؛ فيلزم في اللعن ما يلزمهم في الإغواء .
وقال أبو بكر الأصم : الإغواء واللعن من الله شتم ، لكن هذا بعيد ؛ لا يجوز أن يضاف إلى الله الشتم [ ولا يقال ]{[9863]} إنه يشتم ؛ لأن الشاتم والساب لآخر في الشاهد بما يشتمه مذموم عن الخلق . فلا يجوز أن يضاف إلى الله ما به يذم .
وأصله أن قوله : { رب بما أغويتني } يحتمل أنه خلق فعل الغواية منه ، أو أغواه لما علم أنه يختار الغواية والضلال .
وقوله تعالى : { رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين } كأنه يقول : { رب بما أغويتني لأزينن لهم } في الغواية بما أغويهم . وقد ذكرنا هذا وأمثاله في ما تقدم .
فإن قيل : قوله : { أغويتني } قول إبليس وهو كاذب بالإضافة إليه ، قيل : [ لو كان ]{[9864]} في ما أضاف إليه الإغواء كاذبا لكَذَّبَه ، ورد عليه قوله ( كما كذبه ، ورد عليه ]{[9865]} : { أنا خير منه خلقتني من ( نار وخلقته من طين }{[9866]} ( الأعراف : 12 ، ص 76 ) حين{[9867]} { قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها } ( الأعراف : 13 ) فلما لم يرد عليه ، ولم يكذبه في ما أضاف إليه حرف الإغواء . دل إن ( إضافة الإغواء والإضلال إليه ){[9868]} حقيقة ، أو أن يكون قوله : { خلقتني من نار وخلقته من طين } إنما ذلك منه ذِكر فضله وإحسانه حين {[9869]} أخبر أنه خلقه مما هو أفضل وأعظم مما خلق آدم ، فيخرج ذلك مخرج الشكر . وأما قوله : { قال رب بما أغويتني } ليس على ذلك فلا يحتمل ألا يكذبه ، ولا يرد عليه قوله إذا كان كاذبا فيه ، لأنه فعل شرِّ أضافه إليه ، إذا لم يكن منه الإغواء ، لذلك اختلفا ؛ أي لو كان قول إبليس لعنه الله كذبا فما تصنعون بقول نوح عليه الصلاة والسلام حين{[9870]} قال : { إن كان الله يريد أن يغويكم } ( هود : 34 ) ( وقول موسى حين قال : ){[9871]} { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم } ؟ ( الصف : 5 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.