تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ جَعَلۡنَا فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجٗا وَزَيَّنَّـٰهَا لِلنَّـٰظِرِينَ} (16)

الآية 16 : وقوله تعالى : { ولقد جعلنا في السماء بروجا } قيل : نجوما ، وتحتمل البروج المنازل التي ينزل فيها الشمس والقمر والنجوم ؛ جعل لكل واحد من ذلك منزلا ينزل في كل ليلة في منزل على حدة . ويحتمل ما ذكر من البروج : هي مطالع من الشمس والقمر والنجوم .

وقوله تعالى : { وزيناها للناظرين } يعني السماء ، وفي قوله : { وزيناها للناظرين } دلالة نقض قول من ينهى عن النظر إلى السماء من القراء لأنه أخبر أنه زينها للناظرين ، ولا يحتمل أن يزينها ، ثم ينهى عن النظر إليها دل أنه لا بأس للناظرين .

وقال في آية أخرى : { وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها } الآية ( الأنعام : 97 ) وقال في موضع آخر : { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } ( الملك : 5 ) وجعل الله في الشمس والقمر والنجوم منافع يهتدون بها الطرق في ظلمات الليل ، وجعلها مصابيح في الظلمات{[9797]} .

وأخبر أنه زينها للناظرين ، لأن ما يقبح في العين من المنظر ، لا يتفكر الناظر فيه ، ولا ينظر إليه ، فزينها{[9798]} لهم ليحملهم ذلك على التفكر فيه والنظر إليها ليعلموا أنه تدبير واحد حين{[9799]} جعل منافع السماء متصلة بمنافع الأرض مع بعد ما بينهما ، وجعل أشياء هي في الظاهر أشباها ، وهي في الحقيقة كالأضداد لها ، ومنها ما هي في الظاهر أضداد ، وهي كالأشكال نحو النور والظلمة ، هي في الظاهر أضداد ، صارت كالأشكال ؛ إذ{[9800]} تضيء النجوم في ظلمات الليل حتى ينتفع بذلك أهل الأرض ، هي في الظاهر أضداد ، فصارت بما يظهر من منافعها كالأشكال ، وجعل لا ينتفع بضوء النجوم مع نور القمر ، ولا ينتفع بنور القمر مع ضوء الشمس ، وهن أشكال بما يذهب كل واحد منهما بسلطان الآخر ، ليعلم أنه تدبير واحد حين{[9801]} صارت الأضداد{[9802]} كالأشكال والأشكال كالأضداد في حق المنفعة .


[9797]:في الأصل وم: ظلمات.
[9798]:في الأصل وم: فزينا.
[9799]:في الأصل وم: حيث.
[9800]:في الأصل وم: حيث.
[9801]:ساقطة من الأصل من م.
[9802]:ساقطة من م.