تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦٓ إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (28)

الآية 28 وقوله تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه } كأنه يقول ، والله أعلم : اذكر لوطا إذ قال لقومه . ثم ذكره إياه يخرج على وجهين :

أحدهما : أن اذكر نبأ لوط وخبره ليكون لك آية على رسالتك ونبوتك ، إذ يعلمون أنك لم تشاهده ، ولا شهدت زمنه ، فأخبرت على ما في كتبهم ليعرفوا انك إنما عرفت ذلك بالله .

والثاني : [ أن اذكره ]( {[15726]} ) كيف صبر على أذى قومه ؟ وكيف عامل قومه مع سوء صنيعهم من ارتكاب الفواحش والمناكير وسوء معاملتهم إياه ؟ فاصبر أنت على أذى قومك وسوء معاملتهم إياك .

هذا ، والله أعلم ، يشبه أن يكون معنى ذكر لوط إياه . وعلى هذا يخرج قوله { وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله } [ العنكبوت : 16 ] أي اذكر إبراهيم ونبأه أن كيف عامل قومه ؟ وماذا قال لهم ؟ وكيف صبر على أذاهم ؟ فعامل أنت قومك مثله ، واصبر على أذاهم كما صبر أولئك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين } قال لهم : { وما سبقكم بها من أحد من العالمين } ثم لم يتهيأ لهم أن يعارضوه بقوله( {[15727]} ) : { ما سبقكم بها من أحد من العالمين } [ فيقولوا ]( {[15728]} ) بل قد سبقنا بذلك أحد ، فكان في ذلك/405-ب/ وجهان :

أحدهما : أن يكون ذلك آية لرسالته ، وأنه إنما علم بالله بأنه لم يسبقهم بها أحد مما ذكر .

والثاني : أنهم يعبدون الأصنام ، ويرتكبون الفواحش ، ويقولون : إنا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ، وإن الله أمرهم بذلك ، ليعلم أنهم كذبة في قولهم : إن آباءهم على ذلك حين( {[15729]} ) أخبر أنهم لم يسبقهم بها من أحد . ولو كان آباءهم على ذلك لذكروه ، وعارضوه . فإذا لم يفعلوا ، ولم يشتغلوا بشيء من ذلك ، علم( {[15730]} ) أنهم كذبة في ما يقولون ، والله أعلم .


[15726]:في الأصل وم: اذكره أن.
[15727]:في الأصل وم: لقوله.
[15728]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[15729]:في الأصل وم: حيث.
[15730]:في الأصل وم: ليعلم.